الخميس، 10 فبراير 2011

فرعون لا يرحل

بسم الله والحمد لله

فرعون لا يرحل
لا رافع لما وضع، ولا واضع لما رفع، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ما شاء ربُّنا صنع، ما قُضِي كائن، وما سُطِّر منتظَر، فلا جزع ولا هلع، وإنما صبرٌ ومثابرة ، وفأل بأنَّ لأهل الإسلام السلطة والانتصار، وللظالمين الذلّة والصغار والعار والدمار ، ولا يهلك على الله إلا هالك (وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (21) سورة يوسف .
من يصدق أن فرعون بجبروته وجنوده ومؤسساته المخابراتية والعسكرية إلى زوال
(وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ )يونس83
إنه علو وإغناءٌ يحمل فى طياته بذور الفناء، مشوبٌ بالمصائب والأرزاء، منغَّص بالأمراض واللأواء، مكدَّر بالخوف والرعب وعدم الهناء ،
(وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ) 31الرعد ، وقال تعالى: (لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِى ٱلْبِلَادِ) (196) سورة آل عمران ، لا يغرّنَك ما هم فيه من الاستعداد والإمداد والتعالي والاستبداد، لا يغرنَّك ما يملكون من القوة والعدّة والعتاد (مَتَـٰعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ) 197 آل عمران ، الأمن أهنأ عيش، والعدل أقوى جيش.
كان الطريق شاقا ، لم يكن مفروشا بالورود ، اكتظ بالأشواك والمحن والصخور، قاده فى ثقة كوكبة من شباب مصر فى عمر الزهور،على أرض الكنانة ،تجرى فى عروقهم الكرامة ، أبت نفوسهم ما قَبِلَهُ آباؤهم من الضيم والظلم والإهانة ، سالت دماؤهم الزكية وتمزقت أشلاؤهم النقية وهم يواجهون فراعنة الداخلية ، ذوى العقول الغبية ، فما التفتوا وما انحنوا ولا نكصوا ، على نهج الكتاب توجهت جباههم ، على درب النبىّ استنارت خطاهم ، قدموا أرواحهم رخيصة لربهم، فكانت أغلى هدية لرفعة أوطانهم ، خلعوا بها ثوب الذلة والهوان ليسقطوا قارون وفرعون وهامان ، حتى بزغ نورُ الفجر ومُحق الباطل وانتصر الحق.

فجر تدفق من سيحبس نوره *** أرنى يدا سدت علينا المشرق.
صبح تنفس بالضياء وأشرقا ***والصحوة الكبرى تهز البيرقا.
وشبيبة الإسلام هذا فيلق *** فى ساحة الأمجاد يتبع فيلقا.
وقوافل الإيمان تتخذ المدى *** دربا وتصنع للمحيط الزورقا.
ما أمر هذى الصحوة الكبرى سوى *** وعد من الله الجليل تحققا.
الحق مُنتصر، والباطل مُندحِر ،الحق ظاهر خالد ، والباطل زائل زاهق، فـكُـن مع الحق وعلى الحق ولا تُبالي بالْخَلْق.
إهداء إلى أبطال الكنانة الأحرار الأبيين ، من فجروا ثورة 25 من يناير
فى وجه الفراعنة الظالمين
احفظوها، إن مصر إن تضع *** ضاع فى الدنيا تراث المسلمين
بقلم الفقير إلى الله/ أبو مسلم وليد برجاس

اغترار فرعون بجنوده
الناس على دين ملوكهم ، الحاكم ظلوم غشوم بطاش جهول فهل أتاك حديث الجنود؟

عسكري بليد للأذى فطن*** كأن إبليس للطغيان رباه.
الظالم غبى مخذول ، ظاهره الانتفاخ ولكنه مقهور مغلول ، مهما بلغت قوّته وضعفُ المظلوم .
الظالم سيظلّ محاطاً بكلِّ مشاعر الكراهية والعداء والحقد والبغضاء، لا يعيش في أمان، ولا ينعَم بسلام، حياتُه في قلق، وعيشه في أخطار وأرق، لأنَّ الظلم جالبُ الإحن ومسبِّب المحن، والجَور مسلبةٌ للنعم مجلبة للنقم،
(إِنَّ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ{4} وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ{5} وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ{6} وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ{7} فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ{8})القصص3-8
غطى سماء مصر دخان أسود كثيف خرج من أوعية الغل والحقد المتأجج فى صدر فرعون وآله .
كان الفراعنة يستخدمون المؤمنين خداما ، يهينون كرامتهم، ويصادرون حقوقهم، فلاحق لهم ولا كرامة
اغتر فرعون الحديث بجهازه الأمنى والذى لم يكن يتصور يوما أنه سيتبخر خلال أربع ساعات أمام تسونامى الحق وجموع المؤمنين ، لا يسكن الخوف قلوبهم ، فلله درهم من شباب صادقين!
ثم لعب اللعبة القذرة ببث الفتنة وجعل الناس شيعا متناحرين ونشر
الرعب والإرهاب فى قلوب شعبه فصنع هامان البلطجية ليروعوا الآمنين ويسرقوا الأمن ويدعون أنهم جنود الأمن فينشروا الظلم والفوضى ويحرقوا كل غالى وثمين من مقدرات البلاد حتى لا ينعم أحد بعدهم ، وتارة يفجرون كنيسة ويلصقون فعلها بالصالحين زرعا للفتنة واتباعا لقاعدة فرعون الرجيم :" فرق تسد"
ويأبى الله إلا أن يفضح كل خوان غير أمين
(إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ )يونس81
فحسبك بشعب واعى كان لفرعون وجنوده بالمرصاد فيمسك بزمام الأمن لينظم المرور ويحفظ الممتلكات ويقبض على المجرمين المعتدين الذين لم يكونوا سوى جنود أمن هامان وزير الداخلية الذى ليس له من اسمه أى نصيب ويدعى حبيب العادل وإن شئت هو بغيضٌ الظالم .

وراعى الشاة يحمى الذئب عنها *** فكيف إذا الرعاة لها الذئاب
فرعون وهامان وقارون بين مكر الله .. ومكرهم !
رأى فرعون أن ناراً خرجت من بيت المقدس من فلسطين فأشعلت مملكته كلها" فسرها المنجمون : غلام من بني إسرائيل يقتلك وينهي ملكك ؛ فأمر بذبح كل وليد .
قال الزجاج :
ما أحمق فرعون! إن كان كتب الله له أن يقتله بنو إسرائيل فسوف يقتل سواء قتلهم أو لم يقتلهم، وإن لم يكتب الله عز وجل عليه ذلك فما معنى قتل الناس؟!
وكان هامان يعشق إبادة أطفال مصر وشبابها المؤمنين ، فى ريعان الصبا وعمر الورود أجرى الدم منهم أنهارا ، لا يتورع أن يستعمل أى سلاح ضد شعبه محرم دوليا يدمر ويذيب ، ناهيك عن فنون القهر النفسى والتعذيب ، ليوقف مد الجيل المبارك الذى سيدمر فرعون اللامبارك، ويبيد النبتة الطيبة والأمل المنشود لجيل النصر والعزة والتمكين ، فى أرض الكرامة ، مصر الكنانة .
ثم جاءت حاشية السوء إلى فرعون وقالوا: قتلت أبناء بني إسرائيل وما أصبح عندنا خدم، ونريد أن تقتل أبناءهم سنة وتستحييهم سنة ففعل.
(وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) [فاطر: 43]. وفي السنة التي منع فيها ذبح بني إسرائيل فيه ولد هارون فسلم ونجا وفي سنة الذبح الثانية ولد موسى إمعانا فى التحدى لفرعون ، وترجف أمه خشية أن تتناول عنقه السكين ، ويوحي إليها ربها: (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ) 39 طه وهذا منتهى التحدي، وقد أُعلنت الطوارئ .
ويشاء الله بقدره وقدرته أن يحمل هذا الغلام إلى فرعون، مجرداً من كل حول وقوة إلا من الله ، عاجزاً عن أن يدفع عن نفسه أو يستنجد، وقال القدر بلسان الحال مستهزءا بفرعون اللعين :
" يا فرعون! لا تتعب نفسك في البحث عن الغلام ، ها هو قد سقته بين يديك ، فى قصرك أمام عينيك، تطعمه بيدك وتسقيه ، ثم يكبر ويذهب ملكك على يديه ، فإن كان لك كيد أو تدبير فاصنع ما تريد".
أراد فرعون قتله فقالت امرأته وكانت عقيما:
(قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ) القصص:9 قال: قرة عين لك أم أنا فلا.ويتربى موسى في قصر فرعون تحت رعايته وإشرافه (لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ) (8) سورة القصص وإذا بفرعون نفسه يبحث لموسى عن المراضع، ويأتيه بهن واحدة تلو الأخرى حتى آل إلى أمه (كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) (13) سورة القصص
ولما كبر وشب وصار طفلاً لطم فرعون ! يستشيط فرعون ويعزم على قتله
قالت آسية : هذا طفل صغير لا يعرف، فإن أبيت أعرض له تمرة وجمرة، فإن أخذ التمرة فاقتله، وإن أخذ الجمرة فلا سبيل لك عليه. ففعل، ويأخذ موسى الجمرة لتحرق لسانه ويتركه فرعون الغبى .

وإذا العناية لاحظتك عيونها *** نم فالمخاوف كلهن أمان.
من يتقِ الله يحمد في عواقبه *** ويكفه شر من عزوا ومن هانوا.
من استجار بغير الله في فزع *** فإنّ ناصره عجز وخذلان.
فالزم يديك بحبل الله معتصماً *** فإنه الركن إن خانتك أركان.
إله يخاف؟!
( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) القصص:38
أحمق من الطغاة لن تجد ، عقله كالببغاء فى لسانه ، فيقول بجهله
( فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ(القصص:38) فإن كان من الكاذبين فلماذا تكلفه ببناء صرح وينفق عليه الملايين من أموال شعبه الجائع لمجرد ظنك؟!
ثم يظهر خوفه فيقول
( إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ(56) الشعراء.
سبحان الله إله ويستشير؟ إله ويخاف؟ مِنْ مَنْ؟ من شرذمة؟ وقليلون؟
( قلة مندسة مأجورة) يا فرعون! ألست صاحب الشرعية والانتخابات النزيهة النقية؟ ألست صاحب الذراع الطويلة الأمنية ؟ ألست صاحب الحزب الأوحد الذى لايقف أمامه معارض إلا كفر وألحد ؟
لماذا تخاف من القنوات الفضائية الإسلامية ؟ أما تكفيك جيوش قنواتك الإباحية ؟

 أليست تلك القنوات الطيبة (رحمة ) ب (الناس) من شرور وعفن قنواتك الهزلية التى تنضح بالكذب وتلمع الحرامية.
نطق بما يدور في خلده ويعترف بما يُخيفه ويرعب قلبه ( وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ ) !
حرباً شعواء على دين الله وعلى سنّة نبيّه ، وتآمر يتلوه تآمر ، وكيد يعقبه كيد

لهم ألف وجه بعدما ضاع وجههم *** فلم تدر فيها أي وجه تصدق
ما الذي يغيظك من انتشار الخير ، وفشو المعروف، وسمو الفضيلة ،وانحسار مـدّ الرذيلة
لماذا تضيق صدورهم بالمُصلِحين وتتقطّع قلوبهم كمداً من انتشار مظاهر الخير والعفة من اللحية والنقاب؟
(وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً )النساء27
ما يضيرك أن يعبد الله وحده؟ أين دعواك بأنك إله؟ أو يخاف الإله ؟؟ !
ويموتون بغيظِهم مرارا لسان حالهم:
لن تستريح قلوبنا إلا إذا *** لم يبق في الأرض الفسيحة مسلم
وتأمل صاحبه الملك الملعون " صاحب الأخدود ما الذي أفقده صوابه أن قال غلامٌ : ربي الله
حتى ذبحه على اسم الله : " باسم الله رب الغلام " ففضح نفسه وآمن الناس .
عندها خـدّ الأخاديد وأضرم فيها النيران وقذف من آمن بـ " رب الغلام"
ماذا يضيره أن آمن الناس بربّهم العزيز الحميد ؟؟
(وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) البروج
صبرا أخى في محنتي واعتقادي *** لا بد من بعد الصبر من تمكين
تالله ما الدعوات تهزم بالأذى*** وفي التاريخ بر يميني
ضع في يدي القيد ألهب أضلعي*** بالسوط ضع عنقي على السكين
لن تستطيع حصار فكري ساعة *** أو كبح إيماني ورد يقيني
فالنور في قلبي وقلبي في يدي ربي*** وربي حافظي ومعيني
ما ماتت الدعوة يوما بموت دعاتها؟ إنه دين الله الذى تكفل بحفظه

إذا سيد منا مضى قام سيد *** قئول بما قال الكرام فعول.
فرعون غبى بجدارة
الفراعنة يعبئون بكل حجر ثمين، ويحاربون كل ذى عفة ودين ، فعاقبهم الله بآيات بينات لعلهم يفيقون ولكن هيهات لا يعقلون!
قال الله تعالى: (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) سورة الأعراف : 13
فما كان ردهم إلا: (وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ) سورة الأعراف .
حنان فرعون الشفيق
حريص على مصالح الناس وحده ، غيره ؛ دَعِـيّ يتاجر بالدين ويتلاعب بعقول الناس
ففرض قانون الطوارىء المخصص لموسى وقومه فحسب ، أما الشعب فلا يقلق فهو حبيب الشعب هو إله الشعب هو الواحد الأوحد الفرد الصمد ولكن له ولد خليفته من بعده شئتم أم أبيتم
(وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ) غافر:26 .
قال ابن كثير: يَخشى فرعون أن يُضِلّ موسى الناس و صار فرعون مُذَكِّـرا، واعظا يُشفِق على الناس من نبى الله موسى!
وها هو فِرعون يُظهر عن مكنون نفسه ، ويُعلن عن عجزه وضعفه، فيقول عن موسى: ( إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ) وليس هذا فَحسب بل ويَخشى من موسى( أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ ) .
أليس يَزعم أنه إلـه؟! أليس هو الْمُنادِي
( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ) الزخرف:51 . أليس هو القائل: (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ ) الزخرف:52 ..
يا قومُ لا تتكلموا *** إن الكلامَ محَرّمُ .
ناموا ولا تستيقظوا *** ما فاز إلا النوّم .
وتأخروا عن كل ما *** يقضي بأن تتقدموا.
ودعوا التفهم جانبًا *** فالخيرُ أن لا تفهموا.
وتثّبتوا في جهلكم *** فالشر أن تتعلموا.
أما السياسة فاتركوا *** أبدًا وإلا تندموا.
إن السياسة سرها *** لو تعلمون مُطَلسـم.
وإذا أفضتم في المباح*** من الحديث فجَمْجموا.
والعدلَ لا تتوسموا *** والظلمَ لا تتجهموا.
من شاء منكم أن*** يعيش اليوم وهو مكرّم.
فليُمْسِ لا سمعٌ ولا *** بصرٌ لديه ولا فـم.
لا يستحق كرامةً *** إلا الأصمُّ الأبكم.
وإذا ظُلمتم فاضحكوا*** طربًا ولا تتظلموا.
وإذا أُهنتم فاشكروا *** وإذا لُطمتم فابسموا.
إن قيل هذا شهدُكم *** مرٌّ فقولوا علقم.
أو قيل إن نهاركم *** ليلٌ فقولوا مظلم.
أو قيل ماذا تشتهون*** فقولوا نعدم.
أو قيل إن ثِمادَكم *** سيلٌ فقولوا مُفعَم.
أو قيل إن بلادكم *** يا قوم سوف تُقسَّم.
فتحمّدوا وتشكّروا *** وترنّحوا وترنموا.
وبالفعل قسمت السودان فى عهده وبسببه والتي كان فيها من الخيرات ما يكفى الأمة العربية .
ولئن ظَهَر فرعون بثياب الواعظين، فقد بَرَز سَلَفه ( إبليس ) في لباس الناصِحين، فأقسم لآدم بالله إنه لمن الناصحين!
وعلى خطاهم يَتظاهر الزنادقة بلباس النصح والشفقة، ودعوى التوسّط والاعتدال!
نسبوهم إلى العِلم، ونِسبتهم إلى العلم كَنِسْبَةِ الثَّرى إلى الثُّريّـا!
وسمّوهم زوراً وبهتانا بـ " العلمانيين "! يَطعنون في الدِّين باسم العصرنة والتجديد زعموا وهُم كما قال أبو زرعة - رحمه الله -، إذ كان يقول: إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندنا حقّ، والقرآن حق، وإنما أدّى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يُريدون أن يَجْرَحُوا شهودنا لِـيُبْطِلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة.

الكفاية في عِلم الرواية
الاستخفاف بالعقول(العجول)
( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ) الزخرف:54 .
كل من يمشى وراء العاطفة ويدع العقل جانبا فهو خفيف العقل
فرعون فى نظر شعبه بطل قومى ، هو مفتاح السلام وصانع الاستقرار هو فى مقام الأب الروحى لهم ولا بد من احترامه وبالتالى يفعل بهم ما يشاء حتى لو كان على حساب دينهم ودمائهم وكرامتهم التى تداس أكثر من 30 سنة.
أين ذَهَبتْ عقول الناس عن هذا الضعف والعَجز؟ لقد تلاعَب بعقولهم بدعاوى برّاقـة، وأقوال ساذجة
قطيع الضأن والذئب راعيها، وإن شئت قل الحمير، الشعوب التي لا تفهم إلا ثقافة القِدْر والجيب والبطن، تصفق للطاغية، وتحثوا على رأس الداعية.
يقول
مالك بن نبى : "إن قبل قصة كل استعمار هناك قصة شعب خفيف يقبل الاستخذاء"
عندما يكون الفساد فساداً واضحا بيِّـناً ظاهراً جلياً.. فإنه لا يَخفى عوراه إلا على القوم الفاسِقين؛ لأنهم انغمسوا في الفِسق كمن انغمس فى القاذورات وصارت مهنته فهو لا يشعر بالتقذذ لأن كثرة المساس تزيل الإحساس.
ولم يَقِف الأمر عند هذا الحدّ.. من مُسانَدة أهل الفِسق، ومعاونة أهل الفُجور، ودَعم أهل الضلال.. بل تعدّى الأمر إلى اتِّهام أهل الحق، ودُعاة العفاف والحياء..بأنهم سبب الفساد والغلاء والوباء، وأنهم شؤم وخطر على البلاد (
قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ) يس18
والاتهامات جاهزة ومعلبة على هدى سلفه (
أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ )الأعراف:82متى كان الترفّع عن الدنايا عَيباً؟ومتى كان تَرك الفاحشة نَقصاً وعجزا؟ إلا عندما تنتكس الفِطر.. وتَمرض النفوس ، فترى الصلاح عجزا وعيا ، وترى الفُجور والفاحشة حُريّة شخصية وعقلا .
حينما تختلّ الموازين تكون كلمة الحق الصادِقة مِشعل فِتنة واضطرام ، وتتهم الدعوة إلى الله بالإفساد وقلب النظام .
فيُسعى لِقَتْل موسى، ويُتآمر لسجن يوسف، إن أصرّ على درب العفاف وهدى الصالحين
(وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ ) يوسف:32
كل ذَنْبِـه أنه تمسّك بمبادئ الشَّرَف ، ولاذ بمعاقِـد العـزّ، ونأى عن السوء والفحش.
لَمَّا تَفَرْعَـنَ فِرْعَـوْنٌ فقيـلَ لَـهُ *** ولِمَ التَّفَرْعُنُ؟ قالَ: مَنْ سَيَصُدُّنِي؟
مـادامَ شعبـي طيِّبًـا وَمُسَالِـمًـا *** وبِكـلِّ أسبـابِ التَّفَرْعُـنَ مَدَّنِـي
حاولـتُ أَحتـرمُ الرَّعِيَّـةَ إنَّـمَـا *** حُـبُّ الرَّعِيَّـةِ للمذَلَّـةِ رَدَّنِــي
ولـو أنَّنـي يومـا أفُـكُّ قيودَهَـا *** تأبى فأصْفـعُ وجْهَهَـا فتودَّنـي
وإذا أُفَـرِّطُ بالـبـلادِ ورزقِـهَـا *** هتَفَـتْ رَعِيَّتُنـا بِـروحٍ تَفْـدِنِـي
يـا لائـمَ الفرعـونِ أيُّ رعـيَّـةٍ *** هانَتْ.. يَليْقُ لمثلِها حُكمُ الدَّنِـي!
فرعون الخائن الخسيس
تعرض
بيت المقدس لغزو من قبل قوم سماهم القرآن (الجبارين) - لعلهم الحيثيون - فى وقت اعتلى فيه عرش مصر أعتى ملوك الأرض طغيانا وكفرا وهو( فرعون) رمسيس الثانى والذى عاصر ميلاد موسى عليه السلام
وفزع شعب
مصر لوقوع بيت المقدس - وهى الأرض التى بارك الله فيها للعالمين- فى يد أعداء الله، ولأن سقوط بيت المقدس نذير بسقوط مصر وغيرها فى قبضة أعداء الله.
معاهدة السلام (الاستسلام)
فزع فرعون فقد باتت زعامته للمنطقة فى خطر فأعلن فى مصر النفير العام ، وخرج هو وقواته حمية وسمعة ليلاقوا قوات الاحتلال الحيثى فى موقعة قادش .
وكانت الهزيمة تنتظر الفراعنة ، فأنى لهم النصر وهم الذين ظلموا وتجبروا وادعى كبير هم الألوهية (ما علمت لكم من إله غيرى) بل وادعى الربوبية (أنا ربكم الأعلى) وادعى ملكية الرقاب والبلاد (أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى )ونشر الرعب والإرهاب فى أرجاء البلاد وجعل أهلها شيعا يتجسس كل منهم على الآخر وذلك لتحقيق مآربه وطارد الدعوة إلي الله وأغلق المساجد.
وبدلا من أن يراجع نفسه ويعترف بخطأه وهزيمته إذ به يكذب على أمته ويزعم أنه انتصر على الحيثيين ، ويجهز جيشا من سحرة أجهزة الإعلام لإضلال الناس ويدونون هذا النصر المزعوم على جدران معبد رمسيس الثانى ولكن يشاء الله أن يفتضح كذبه نتيجة نشر معاهدة السلام التى وقعها مع ملك الحيثيين !!!
وحبـة الرمل في البيداء تعرف من *** بلقمتي ودمـي يلهـو ويتجر
ومن يواري بثوب الزيف سوءته *** زورا ومن بإزار المكر يأتزر
ومن يقود جموع الخائنين لكي*** يضم أوجههم حلف ومؤتمر
ومن على جثتي يختال منتفخا *** بأكل لحمي ويمضي ليس يزدجر
ومن يصنع أقفاص الحديد ومن *** أمسـى بشرعية الطاغوت يدثر
وبينما كان المسلمون من شعب مصر مع موسى
عليه السلام يدركون واجب الجهاد نجد فرعون يعقد معاهدة سلام مع الجبارين الحيثيين يقرهم على ما تحت أيديهم من الديار ويعترف بدولتهم !!
بل ويضرب ظهر أبناء الأمة الإسلامية لمصلحة العدو بل ويطارد الدعوة الإسلامية واصحابها ويغلق المساجد ويحول مصر إلى أكبر
دولة بوليسية عرفها التاريخ
أسد علي وفي الحروب نعامة *** فتخاء تنفر من صفير الصافر
لذا أمر موسى
عليه السلام أصحابه أن يتخذوا بيوتهم مساجد فإصلاح النفس أولا بداية الطريق لهزيمة الظالمينوَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ(84) فَقَالُواْ عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ(85) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ(86) وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ(87) وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ(88) قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ)يونس89
سحرة فرعون.. وانقلب السحر على الساحر
لم يدر فى خلد فرعون أن جهازه الإعلامى وقوته الضاربة التى يعتمد عليها فى حربه لله ورسوله ستنهار بهذه السرعة بل وتنقلب عليه فى لحظة باشر الإيمان قلوبهم
(وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ(120) قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ(121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ(122)
كانت التهم المعلبة جاهزة : فئة مأجورة عميلة تريد تحويل مصر إلى دولة دينية متطرفة !!
قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَـذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ(123) هددهم وتوعدهم بحجة أنهم لم يأخذوا الإذن بالإيمان!!!
لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ(124) قَالُواْ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ(125) وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ(126)الأعراف
من عرف قيمة الحق عز عليه أن يفقده ، وعلي قدر اليقين تكون الثقة، وعلي قدر الثقة يكون التوكل، وعلي قدر التوكل يكون اللجؤ، وعلي قدر اللجؤ تكون الإجابة. (قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا )طه72
اجهر برأيك لا يأخذك ترويع *** لا ينفع الصوت إلا وهو مسموع
ويصدع مؤمن آل فرعون ويعلنها مدوية "وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ". فكانت النتيجة؟: "فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ" .
فرعون لا يعرف قدر من يحارب
آه لو عرف الطغاة المجرمون من يحاربون إنهم يحاربون الله عزت قدرته وجلت عظمته
(إنهم يكيدون كيدا وأكيدكيدا) وقال (ويمكرون ويمكر الله)
إذا فمن الغالب؟ومن الخاسر؟
من كان
الله معه فمن يضره ؟ ومن كان الله عليه فمن ينصره؟
قال تعالى(
وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ )الطور48
والحق ركن لا يقوم لهدّه *** أحدٌ ولو جُمعت له الثقلان
أولئك خفافيش الظلام التي يبهرها النور وتأنس بالظلمة يغيظهم أن تشع أنوار الحق على الأرض ؛ لأنهم لا يُطيقون رؤية الأنوار الباهرة . والله مُتمّ نوره ولو كره الكافرون .
يوم الغضب على الظالمين
(وجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً ) 90 يونس
لم يدر فى خلد الظالمين أن هذا الطفل الذى لا يؤبه له يكون هلاك فرعون بأجهزته الأمنية والعسكرية الجبارة على يديه

بل ويخرب الفراعنة أجهزتهم بأيديهم ويفضحون أنفسهم أمام العالم ويغرقون فى تلك الفوضى التى صنعوها بظلمهم وغبائهم (وظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ )الحشر2
غذوا الشباب بالإنترنت ليلهوا به يضيعون وقتهم ويفسدون دينهم فإذا به يتحول لأداة لفضح الظالمين وتوثيق إرهاب وفساد الطغمة المتكبرين ، صار هذا الطفل يقود المؤمنين ليثوروا على الظالمين (فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ...) الحشر
سيجيء يوم حافل بجهادنا *** الخيل تصهل والصوارم تلمع
قد طال ليل الكفر لكني أرى *** من خلفه شمس العقيدة تسطع
ولكن النصر منوط بالتغيير قال تعالى (
إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)الرعد11
وبذل أسباب النصر من توحيد الله والاستقامة على منهجه بطاعة أمره واتباع رسوله
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) محمد7
يطارد فرعون المؤمنين العزّل وعلى رأسهم موسى عليه السلام ؛ بستمائة ألف مقاتل ؛
فكان سلاحهم صدق التوكل على الله (
الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ[ [سورة آل عمران: الآية: 173].
موسى يريد أن يحررهم من عبوديتهم لمخلوق، ويقولون: لا، يريد أن يخرجهم من الظلمات إلى النور، ويقولون: لا.
اصطدم موسى بالبحر!! الجيش وراءه والموت والبحر أمامه،القلوب فزعة والأبصار زائغة أين المفر يا رب؟ إلى الله.
التفت موسى ودعا وتجرد ، والدعاء أمضى سلاح والله قريب

(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ )
 البقرة186
إذا اشتملت على اليأسِ القلوبُ *** وضاق لما بهِ الصدرُ الرحيبُ
ولم تر لانكشافِ الضرِ وجهُاً *** ولا أغنى بحيلته الأريبُ
أتاك على قنوطٍ منك غوثٌ *** يمـنُ به اللطيفُ المسـتجيبُ
وكل الحادثاتِ وإن تناهت *** فموصولٌ بها الفرجِ القريب
بنو إسرائيل الذين تربوا على العبودية والقهر والجبن يهلعون، قالوا يا موسى: (إنا لمدركون) الشعراء:61.
يتبسم موسى؛ كما تبسم محمد في الغار ويقول بلسان اليقين بالله
(كلا إن معي ربي سيهدين) الشعراء:62
والحق يعلو والأباطل تسفل *** والحق عن أحكامه لا يسأل
وإذا استحالت حالة وتبدلت *** فالله عز وجل لا يتبدل
المؤمن الوثاب تعصمه من الهول السكينة ، والخائف الهياب يغرق وهو في ظل السفينة
قالوا له :أين يهديك؟ وفرعون خلفك، والبحر أمامك؟ ويتلقى الأمر (اضرب بعصاك البحر) بسم الله، ضرب البحر، انفجر البحر، انفلق، (
وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ)، تحققت المعجزة بصدق اللجؤ والتوكل على الله ، (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).
مشى موسى و بنو إسرائيل داخل البحر ، وأتى المجرم وجنوده يريد أن يجرب آخر جولة في عالم الضياع، و مصارع الطغاة، ودخل البحر

أعمى يقود بصيراً لا أبا لكم *** قد ضل من كانت العميان تهديه
ويأمر الجبار فى سمائه البحر أن اجتمع فيجتمع، وكانت نهاية المجرمين ، دخل في فمه الماء والطين ،وغرقوا أجمعين.
(حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ ) في الوقت ضائع ( قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ(90) فيقول الله (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ(91)
في هذه اللحظة أيها المجرم الخسيس!! بعد أن فعلت من الأفاعيل ما تشيب له الرؤوس.
(
فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ(92) يونس
فهمتكم!! فرصة مرفوضة
لماذا لم يأخذ فرعون فرصته ؟ ألم يعلن أنه أخيرا فهم هذه المرّة ؟ قال :( آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يونس:90
و
الله يعلم أنه كاذب متكبر تياه ،وكلامه لغو لا اعتبار له هباء (كلا أنها كلمة هو قائلها)
وانظر كى تعرف الفرق بين نور التوبة الصادق وزيف التوبة الكاذب ، ومن مارس لغة المُرتاب عُرف لحنه فى الخطاب؛ نبى الله يونس لما ابتلعه الحوت وقد ترك قومه مغاضبا دون إذن من الله قال( لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين) 87( الأنبياء) ، فاعترف بذنبه وأقر بظلمه ، كلمات صريحة لا تحمل معنيين ، أما فرعون فكلماته فضفاضة تلف وتدور ،لا تقر بظلم اللئيم الجهول (الذى آمنت به بنو إسرائيل) .
إنما الفرصة لمن تاب وأناب وانكسر، لا من استكبر وتعالى وكفر.
قال الله
( آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) يونس:91
فهمْـــتُكمْ بعدَ أعــوامٍ وأعْـــــوامِ *** الآنَ أدْركتُ ،تفــريـطِي وإِجْـــرامي
الآنَ أدْركتُ معــنى أنَّكـــــــم بشرٌ *** لكمْ حقــوقٌ ، ولســـتُم محـضَ أنعامِ
فهمـتكم يا بَني شعـبي وقـــــدْ لعِبتْ *** بكُمْ جنــودي وقـــــوَّاتي وأَزْلامـي
نعم ، ملأْتُ سجــوني من أكَارِمــــكمْ *** وكَانَ تعـــذيبُــهم رمْــزاً لإقْـدامي
جَعَــلْتُ أرضكُم الخضـراءَ مُعْـــتـقَلاً *** حقَّـقتُ فــــــيهِ بسيفِ الظُّلْمِ أحلامي
أطْـلَقْتُ فيـكم على ظُـــــلْمٍ جَلاَوِزَتي *** ما بـــينَ لصٍّ وكـــذَّابٍ ونــــمَّامِ
نعمْ ، جَعَلْـتُ بيـــوتَ اللهِ خــــاوِيةً *** مِـنْ كُــــلِّ داعٍ وصــــوَّامٍ وقـوَّامِ
حتى الأذانُ تــوارى عــن مآذِنِــــكم *** وعن وســائل إعــــلاني وإعــلامي
أمَّا حجابُ العذارى فهــــو مُعْـــضِلةٌ *** حَاربْتُـــها بإهــانـــاتي وإرْغــامي
لكِنَّني الآنَ يا شعـبي وقــد سَلَــــفَتْ *** أيَّامــكم بمآســـــيها وأيَّــــامي
فهِـمْتُـــكم ، فلـــقدْ صرْتم عَــمَالِقـةً *** وكُنتُ أبـــصرُ فيكم شـــكلَ أقـــزامِ
فهــمتها الآنَ ، إنِّي قـــدْ ظَـلَمْتُ ، ولـمْ *** أرْحـم فـــــقيراً ، ولمْ أَلْطُفْ بأيْـــتامِ
ولمْ أقــــدِّمْ طـــعاماً للجـــياعِ ، ولم *** أقـــــدِّمْ المــاءَ للمُسْـــتَنجدِ الظَّامي
ولمْ أقــــدِّمْ ثيـــاباً للعُــــراةِ ، ولم *** أمنح تلاميـذكم حِـــــبراً لأقـــــلامِ
فهِمْتُكمْ ، فافْهَـموني ، وافْهموا لُغـــــتي *** وقابـــلوا لُؤمَ أخــــلاقي بإكــــرامِ
إنّي سأفتَــــحُ أبـــوابَ العــطاءِ لكـم *** وســوفَ أُصـــــــدِرُ للإصلاحِ أحكامي
هــيَّا ، ضعوا في يدَيْ أيـــديْ تعاونُكــم *** يـــا أخـــوتي وبني عـــمِّي وأرْحامي
الآن أدْركـــتُ أنِّي كـــنتُ في نفـــقٍ *** منْ غفْــــلَـــتي وضــلالاتي وآثـامي
أَنْهى الحـــــديثَ ، ولمْ يفـطن لخطبـتهِ *** إلاَّ الصَّــدى و الّلَظى في قَـــلْبِه الدَّامي
وجَلْجَـــــــلَتْ صرْخةُ المستـهزئينَ بهِ *** فــــــاتَ الأوانُ ، فلا تركن لأوهــــامِ
نســيْتَ أنَّ لـنـا ربًّــا نلــــوذُ بـــهِ *** إذا تَــــطَاوَلَ فـينا جــورُ حُــكَّامِ
تصريح الدفن مرفوض
(فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ) يونس92
من يُحارب الله يُخذل، ومَن يُغالِب الله يُغلَب، ومن يُعادي أولياء الله يُقصَم
الغرق هو وجنوده في البحركان مصير الحاكم الأوحد والإله المزيف قال الله تعالى ( فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ) الأعراف : 136
قال صلى الله عليه وسلم :"
إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته"
أين الذين التحفوا بالأمن والدَّعَة، واستمتعوا بالثروة والسَّعة، من الأمم الظالمة الغابرة الظاهرة القاهرة؟! لقد نزلت بهم الفواجع، وحلّت بهم الصواعق والقوارع، فهل تعي لهم حِسًّا، أو تسمَعُ لهم ركزاً؟!
وجعل الله يوم نجاة نبيه وهلاك فرعون اللعين عيدا يفرح فيه المؤمنون، ويشكرونه تعالى ويصومون، ويكبت فيه الكافرون المبغضون.
(وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ ) الأعراف
137
ثلاثون عاما من القهر.. فلماذا تأخر النصر ؟
ثلاثون عاما من حكم فرعون اللامبارك حتى صارت مصر صفرا من الأصفار ، فاشلة حتى فى الفشل
مصر التي كانت سلة الأرض تطعم كل الناس وبها خزائن الأرض صارت على يد فرعون تشحذ لقمة العيش ويبحث أهلها عن الطعام فى القمامة .
مصر التي حمت أهل الإسلام والعروبة صارت حربا على الإسلام والعروبة وتحبس أهل غزة المسلمين العزّل الأباة
وتشارك الكيان الغاصب الصهيونى لتجويعهم وتقتيلهم.
بعد أن صارت كلب حراسة للكيان الصهيونى ّ، فصرنا مكروهين ، حتى من أنفسنا والأقربين
مصر التى كانت منارة العلم والعلماء  صارت مرتعا للزنادقة المشككين الذين يتطاولون على النبي والتشريع الإسلامى المكين.
مصر التى كانت ملاذا للأمن مطمئنة صارت حاميها حراميها ، وصارت مرتعا لرجال (الإفساد)الأعمال - الذين يمتصون دماء الشعب المسكين.
وصارت تلتمس الأمن بعد أن تحول جنود أمن هامان إلى قتلة مجرمين ولصوص إرهابيين ، يهدمون المساجد ويفجرون الكنائس ويعبثون بمقدرات البلاد .
مصر.
وإذا كان فرعون الأول يكرم شعبه ويستخدم بنى إسرائيل لخدمة المصريين فهذا الفرعون جعل شعبه مسخرة وخدما للآخرين.
حتى بلغ السيل زُباه، والكيدُ مداه، والظلم منتهاه، والظلم لا يدوم ولا يطول، وسيَضمحلّ ويزول، والدهر ذو صرفٍ يدور، وسيعلم الظالمون عاقبة الغرور (وَسَيَعْلَمْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) 227 الشعراءحاشا لله أن يعذب أولياءه بالفتن أو يؤذيهم بالابتلاءات ولكنه الإعداد الربانى لتحمل الأمانة بالمعاناة العملية للمشاق والصبر الحقيقي على الآلام وعن الشهوات ، والنفس تصهرها الشدائد فتنفى عنها الخبث وتستجيش كامن الإيمان
(أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون)العنكبوت2
ولرب نازلة يضيق بها الفتى *** ذرعًا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها *** فرجت وكنت أظنها لا تفرج
الحق منصور وممتحنٌ فلا تعجب فهذي سنة الرحمن
لقد تأخر النصر حتى تبذل الأمة المؤمنة غاية قوتها وكفاحها وآخر ما تملكه من رصيد، لأن النصر السريع فى مهب الريح ليس براسخ وضياعه سريع.تأخر النصر؛ لأن الأمة لم تتجرد بعد في كفاحها وبذلها.ولم تصل إلى مستوى الإيمان الذى يكون مقدمة فورية لنصر عاجل (وكان حقا علينا نصر المؤمنين)تأخر النصر ؛ لأن الباطل الذي تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تمامًا، وقد ينخدع به العاطفيون لعدم إدراكهم زيفه وكفره وفساده.تأخر النصر ؛لأن البيئة لا تصلح بعد لاستقبال الخير والحق ، فلو انتصرت حينئذ للقيت من الناس الرفض والمقت.تأخر النصر؛ لتتضاعف التضحيات والآلام ويتخذ الله شهداء ، ليعلم قيمة النصر وما بُذل فيه، فلا يُفرط فيه.تأخر النصر؛ لتزيد الأمة من صلتها بالله
(فالبلاء سوط من سياط الله، يسوق به عباده إليه)تأخر النصر؛ لا بقلة الزاد والعدد والعتاد
إنما بمقدار اتصال القلوب بعلام الغيوب.
هو الحق مهما طغى باطل *** له النصر يوم النزال الأخير.
ولله سهم سيمضي غدا *** ولو كره المستبد الكفور.
(إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) فهو راصد لتسلط أعداءه حتى يكثر منهم الفساد، وحينئذ يصب عليهم عذابه سوطًا على رؤوسهم وأعمالهم. إنه لهم بالمرصاد بكل ما تحمل هذه الكلمة من الطمأنينة والوعد، فليطمئن بال المؤمن ولينم ملء جفونه، فالله هناك بالمرصاد.
دولة الظلم ساعة
سبحان من سمع أنينَ المضطهدِ المهموم، وسمع نداءَ المكروب المغموم، فرفع للمظلوم مكاناً، ودمَغ الظالم فعاد بعد العزّ مُهاناً.
دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :"إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة، والدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والإسلام" الاستقامة 2/247
ليس شيءٌ أسرع في خراب الأرض ولا أفسد لضمائر الخلق من الظلم والعدوان، ولا يكون العمران حيث يظهر الطغيان.
أقربُ الأشياء صرعة الظلوم، وأنفذ السهام دعوة المظلوم، يرفعها الحيّ القيوم، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا تردّ دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبوابَ السماء، ويقول لها الرب: وعزَّتي وجلالي لأنصرنَّك ولو بعدَ حين أخرجه الإمام أحمد .
الضعيف يحاربه بسهام الليل والله يحاربه باستدراج النعم عليه.
(
وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمَاً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) (178) سورة آل عمران ، وقال تعالى: (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ، نُسَارِعُ لَهُمْ فِى ٱلْخَيْرٰتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ) (55 - 56) سورة المؤمنون ،
وقال (
فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) (36) سورة الأنفال .
أين الظالمون وأين التابعــون لهم *** فى الغى بل أين فرعون وهامان؟
أين من دوخوا الدنيا بسطوتهم *** وذكرهم فى الورى ظلم وطغيــان؟
أين الجبابرة الطاغون ويحهموا *** أين من غــــرهم لهو وسلطان ؟
هل أبقى الموت ذا عزٍّ لعزتـه *** أو هل نجا منه بالأموال إنســـان ؟
لا والذى خلق الأكوان مـــن *** عدم الكل يفنى فلا إنـــس ولا جان
الفراعنة أئمة لا يرحلون كثر لا ينتهون
فرعون ملعون لا يرحل ، هو جاثم بجثته أمام الدنيا وإماما للظالمين المفسدين ، غبى بليد لا يفهم
ظلوم غشوم لايتعلم ، لا يعرف سوى لغة الظلم والبقاء فى السلطة إلى آخر نبضة فى قلبه المظلم بالكفر المبين
فرعون صنم جسد ميت بارد القلب لايسمع ولا يرى ولا يستجيب ، شيطان أخرس ، لا تهضمه الأرض ويلفظه البحر ، ويلعنه من فى البر، يحوم حول الدول فلا يقبلها أحد بالله أقر.
فرعون جثة خبيثة ، جيفة رديئة لم تدفن ولن تدفن سيبقى جيفة أبد الدهر شاهدة بمآل الطغاة المتكبرين (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ) يونس92
قال تعالى
(وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لايُنصرون وأتبعناهم فى هذه لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين ) 41-42 القصص
إن سيرة ودرب الفراعنة لا تنتهي كيف وهم أئمة الظلم والطغيان قال تعالى
(النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ )غافر46 فلا يريحون ولا يستريحون و لا يرحلون وهم كثر لا ينتهون.
 ( وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (الأنفال:23)
تأمل عموم ( آل فرعون) !!
كل من لبس ثياب الكبر والظلم فهو من آل فرعون، وللفراعنة من سوء عمله كفل و نصيب !
كل من أجرى الضغائن، وحمل مسمومَ الدفائن، و ملأ الدنيا عدواناً، وأشعلها فتنة و نيراناً، وافتعل الأحداث، وغير منار الأرض وفجّر العنف والإرهاب فى الصالحين فهو من آل فرعون ، كل صاحب إفكٌ وافتراء، واتِّهام وادِّعاء، وغطرسة وغرور، واستبداد وفجور، وانعدام الأمن وانتشار الخوف واختلال الأوضاع فهو من آل فرعون ،.
ليست تلك المؤامرات والدسائس في القديم فحسب بل هي كالوصية يُوصي بها السابق اللاحق
( أَتَوَاصَوْا بِهِبَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ)
فتارةً يأتون في ثياب الكفرة الوثنيين كالتتار والشيعة الصفويين ، وتارة في ثياب الصهاينة و الصليبيين، وتارة فى ثياب الحكام الطواغيت ممن يزعمون أنهم مسلمون وهم على درب الفراعنة سائرون ، فما أكثر الفراعنة !
( وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) الأنعام129
مات فِرْعَوْنَ هَذِهِ الأُمَّةِ
ما أعمقها من كلمة قالها رسول الله يوم قُتل أبو جهل يوم بدر:
هَذَا فِرْعَوْنَ هَذِهِ الأُمَّةِ
فربط بين فرعون الأول و أبي جهل الفرعون الجديد ؛ لنتعلم أن قصص القرآن ليس مجرد تأريخ لأحداث الماضين، إنما هي وصف دقيق لنمط الفراعنة المتكبرين،
وإلقاء الضوء على سيرة حياتهم، ونمط تفكيرهم، ومدى طغيانهم مع المؤمنين ، وأخيرا توضيح جلي لعاقبة مكرهم وسوء خاتمتهم مهما علو وتكبروا، و مهما تمكنوا وظلموا.
إن سنة الله فى إهلاك الظالمين ليست حدثًا غريبا فريدا، بل متكررا كثيرا قال تعالى :

 (وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آَخَرِينَ) الأنبياء 11.
ما بين عين وانتباهتها *** يغير الله من حال إلى حال
كلّ شدّة إلى رخاء، كل غمرة إلى انجلاء، وإنَّ بعد الكدر صفوًا، وبعد المطر صحوًا وإن بعد العسر يسرا،
الشمس تغيب ثم تشرق، والروض يذبل ثم يورق، ولله أيام تنتصر من الباغي وتنتقم من العاثي، ومن عرف الله في الرخاء عرفه في الشدائد،
 وصرف عنه المكائد، وحفظه وهو نائم وقائم وراقد. (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ) الطور48
إذا الله أحيا أمة لن يردها *** إلى الموت جبار ولا متكبر
ديننا الحق ، والكفر ذا دينهم *** كل دين سوى ديننا باطل
فلا يموت أمل النصر فى قلوب المؤمنين ، ولا ييأس أهل الإيمان من انتفاش الطغاة وعلو المتجبرين ،
فهذا
(وَعْدَ اللّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً )النساء 122
(
تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا فى الأرض ولا فسادا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) 83-القصص
بقلم الفقير إلى الله / أبو مسلم وليد برجاس