الجمعة، 8 نوفمبر 2013

خير


بسم الله والحمد لله

خير

له الحمد كلُّهُ وله الملكُ كلُّه، وبيدهِ الخيرُ كلُّهُ، وإليه يرجعُ الأمرُ كلُّهُ، شملت قدرتُهُ كلَّ شيءٍ، ووسعتْ رحمتُهُ كلَّ شيءٍ، ووسَعَت نعمتُهُ إلى كلِّ حيّ.له الخلقُ والأمرُ، وله الملكُ وله الحمدُ، وله الدنيا والآخرةُ، وله النعمةُ، وله الفضلُ، وله الثناءُ الحسنُ.
﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن:29]
يغفرُ ذنبًا، ويفرِّجُ همًّا، ويكشفُ كربًا، ويجبرُ كسيرًا، ويُغني فقيرًا، ويُعَلِّمُ جاهلًا، ويهدي ضالًّا، ويُرشِدُ حيرانًا، ويغيث لَهْفَانًا، ويَفُكُّ عانيًا، ويُشبع جائِعًا، ويَكْسُو عاريًا، ويشفي مريضًا، ويُعافي مبتلى، ويقبل تائبًا، ويجزي محسنًا، وينصرُ مظلومًا، ويقصمُ جبَّارًا، ويقيل عثرَةً، ويسترُ عورةً، ويُؤَمِّن روعةً، ويرفعُ أقوامًا، ويضع آخرين.
أظهر الجميل، وستر القبيح، ، لا يؤاخذ بالجريرة ، ولا يهتك الستر، حسن التجاوز، واسع المغفرة، باسط اليدين بالرحمة، صاحب كل نجوى، منتهى كل شكوى، كريم الصَفح، عظيم المنّ، مبتدئ النعم قبل استحقاقها ، الخير كله في يديه ، والشر ليس إليه ، خيره إلى العباد نازل، وشرهم إليه صاعد ،
يتودد إليهم بالنعم وهو الغني عنهم، ويتبغضون إليه بالمعاصي وهم أفقر ما يكونون إليه .
روى الإمام أحمد عن صهيب رضي الله عنه قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد مع أصحابه إذ ضحك ، فقال : ألا تسألوني مم أضحك ؟ قالوا : يا رسول الله ومم تضحك ؟
قال : عجبت لأمر المؤمن إن أمره كله خير ؛ إن أصابه ما يحب حمد الله ، وكان له خير ، وإن أصابه ما يكره فَصَبَر كان له خير ، وليس كل أحد أمرُه كلُه له خير إلا المؤمن
.{
23412 }
سبحــــانه من لطيف خبيــــر .. يرفق بعبـــاده ويلطف بهم، يرزق من يشــاء بغير حســـاب ومنعه هو خيـــر العطــــاء ..
يعلم مصالح جميع الخلائق؛ الجن والإنس والطير والحيوان والجماد والنبـــات، ثم يسلك سبيلَ الرفق في إيصال هذه المصالح إلى مستحقِّها دون العُنْف ..
لو نظر الإنسان إلى الكون من حوله، لوجد آثـــار لطف الله تعالى بخلقه واضحةً جليَّة ..
ولوجد المرءَ نفسه في نهاية العجز، واللهُ تعالى في نهاية اللطف، ولطفُه به هو الذي جعله على هذا الحال الحسن، فليس لك إلا أن تدعوه سبحــــانه قائلاً: 
يـــــا لَطِيــــــف.. الْطُفْ بِنـــــا
يارب إن أعطيتني قبلت ، وإن منعتني رضيت ، وإن تركتني عبدت ، وإن دعوتني أجبت
فنحن له عبيد .. يفعل بنا ما يريد.

دواء لا مثيل له  

لكل من أصابه القلق والاضطراب والحزن واليأس لكل مقهور لحال المسلمين
إذا أردت انشراح الصدر وهدوء البال والسكينة والطمأنية والراحة ردد هذا الدواء:
{ إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }الأنبياء87
{قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }التوبة51
طريقة استعماله : اقرأه وأنت ساجد بين يدى الله .
الفاعلية والأثر : {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ }الأنبياء88.
خواصه : يتميز هذا الدواء بخواص مسكنة , تبعث في النفس طمأنينة وراحة وتطرد الخوف والحزن والقلق والتوتر العصبي .
دواعي الاستعمال : يستعمل خاصة عند إحساسك بالظلم , والعجز , والقهر والغم وما يعتصر قلبك من منغصات الحياة .
مدة العلاج : كرر صرف هذا الدواء بدون توقف .
· ملاحظه هامة 

1- لا تجعل الدعاء كالدواء ؛ لا تستعمله إلا عند المرض والمصيبة فقط ، بل اجعل الدعاء كالهواء ادع ربك في السراء والضراء .
2- انشر هذا الدواء بين الناس واجعله في متناول الجميع.
يقول ابن القيم : 
"ما يَبْتَلِي الله بهِ عبادَهُ من المصائبِ، وَيَأْمُرُهُم بهِ من المكارهِ، وَيَنْهَاهُم عنهُ من الشَّهَوَاتِ، هيَ طُرُقٌ يُوصِلُهُم بها إلى سعادتِهِم في العاجلِ والآجلِ، وقدْ حُفَّت الجنَّةُ بالمكارهِ، وَحُفَّت النارُ بالشهواتِ."
وقدْ قَال صلى الله عليه وسلم : "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ” رواه مسلم
فالقضاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ لِمَنْ أُعْطِيَ الشكرَ والصبرَ جَالِبًا ما جَلَبَ .
وكذلكَ ما فَعَلَهُ بآدَمَ وإبراهيمَ وموسَى وعيسَى ومحمَّدٍ عليهم الصلاة والسلام من الأمورِ التي هيَ في الظاهرِ مِحَنٌ وابتلاءٌ، وهيَ في الباطنِ طُرُقٌ خَفِيَّةٌ أَدْخَلَهُم بها إلى غايَةِ كَمَالِهِم وَسَعَادَتِهِم"  شفاء العليل (1:104)

هو اللطيف

اللطيف في اللغة: صفة مشبهة للموصوف باللطف، فعله: لطف يلطف لطفًا،
ولطف الشيء رقته واستحسانه وخفته على النفس، ويطلق على الشيء الخفي المحجوب .
واللطف : الرقة والحنان والرفق .. فاللطيف من أسماء الجمال لله سبحانه وتعالى.
ورد اسم الله تعالى اللطيـــف سبع مرات في القرآن الكريم، وله معنيان:
المعنى الأول :
اللطيف سبحانه هو الذي اجْتَمع له العلمُ بدَقائق المصَالح وإيصَالها إلى مَن قدرها له مِن خَلقهِ
مع الرفق في الفِعْل والتنفيذ .

قال تعالى {اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ..} [الشورى:19]
فالله لطيفٌ بعباده رفيقٌ بهم قريبٌ منهم، يعامل المؤمنين بعطف ورأفة وإحسان، ويدعو المخالفين إلى التوبة والغفران مهما بلغ بهم العصيان، فهو لطيف بعباده يعلم دقائق أحوالهم، ولا يخفى عليه شيء مما في صدورهم ، ولم يقترن اسم الله اللطيف إلا باسمه الخبير قال تعالى: { أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ } [الملك:14]،
وقال لقمان لابنه وهو يعظه: { يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } [لقمان: 16].
فالله تعالى يطلِّع على بواطن الأمور ويلطف بعباده ، فلا يُقدِر لهم إلا ما فيه الخير .
وقد يخفى على العبد هذا الخير، فيُقابل قضاء الله بالاعتراض. 

المعنى الثاني :
اللطيف هو الذي ييسر للعباد أمورهم فيسوق إليهم البر والإحسان من حيث لايشعرون
ويعصمهم من الشر من حيث لايحتسبون ويستجيب منهم دعاؤهم ،

وقد يؤخر الإجابة كما فعل مع يعقوب عند فقده ليوسف أربعين سنة لما يدخره من رفع شأنه وعلو مقامه.
فهو المحسن إلى خلقه في خفـــاء وستر من حيث لا يعلمون
وهوَ اللَّطِيفُ بِعَبْدِهِ وَلِعَبْدِهِ *** واللطفُ في أوصافِهِ نَوْعَانِ.
إدراكُ أسرارِ الأمورِ بِخِبْرَةٍ 
*** واللطفُ عندَ مَوَاقِعِ الإحسانِ.
فَيُرِيكَ عِزَّتَهُ وَيُبْدِي لُطْفَهُ 
*** والعبدُ في الغَفَلاتِ عنْ ذا الشَّانِ.
هل تقلق من تدبير البشر؟! 

قال تعالى عن يوسف عليه السلام {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } [يوسف: 100]
أراد إخوة سيدنا يوسف أن يتخلصوا منه ويقتلوه .. فلم يمت !
ثم أرادوا نفيه فرموه في بئر لُيمحى أثره و يلتقطه بعض السيارة.. فارتفع شأنه !
ثم بيع ليكون مملوكا .. فصار ملكا !
ثم أرادوا أن يمحوا محبته من قلب أبيه .. فازدادت !
فلا تقلق من تدابير البشر.. فغايتهم أن ينفذوا ما أراد الله ، وإرادة الله فوق إرادة البشر .
{حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ }يوسف110
لماذا الحزن واليأس؟
كم هو شعور سامى ونبيل لحزنك لمصاب المسلمين ولكن ليست النهاية أن نيأس ونحبط أونتعجل النصر

{مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ }الحج15
قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }الحج11
يصل به الأمر إلى البطر والأشرأن يقول: هذا بعلمي وبجهدي، كما قال قارون من قبل 
{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي }القصص78
وبعضهم يظن أن الله يحبه فأعطاه ، يقول: { وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً }الكهف36
 المؤمن إن جاءه ما يسرّه سُـرّ فحمد الله وإن توالت عليه أسباب الفرح فرِح من غير بطـر
يخشى من ترادف النِّعم أن يكون استدراجا ومن تتابع الْمِنَن أن تكون طيباته عُجِّلت له.
*  أُتِـيَ عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بطعام وكان صائما ، فقال : قُتل مصعب بن عمير وهو خير مني كُفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه ، وإن غُطي رجلاه بدا رأسه ، وقتل حمزة وهو خير مني ، ثم بُسط لنا من الدنيا ما بسط - أو قال - أعطينا من الدنيا ما أعطينا ، وقد خشينا أن تكون حسناتنا عُجِّلت لنا ، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام . رواه البخاري .
إن أُنعِم على المؤمن بنعمة علِم أنها محض مِـنّـة وأنه ما رُزق بسبب خبرته ، ولا لقوة حيلته
فمن ظن أن الرزق يأتي بقوّة *** ما أكل العصفور شيئا مع النّسر .
 وكذا المؤمن لا يضجر ولا يمل ولا ييأس ، لأن قلبه متصل بالله مطمئن بوعده مستسلم لقدره 

يقول ابن الجوزي:
" إياك إياك أن تستطيل زمان البلاء، وتضجر من كثرة الدعاء، فإنك مُبتلى بالبلاء، مُتعبد بالصبر والدعاء،
ولا تيأس من روح الله وإن طال البلاء"

قال صلى الله عليه وسلم (مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ ، وَلا نَصَبٍ ، وَلا سَقَمٍ وَلا حَزَنٍ وَلا أَذًى
حَتَّى الْهَمُّ يُهِمُّهُ إِلا اللَّهُ يُكَفِّرُ بِهِ عَنْهُ مِنْ سَيِّئَاتِهِ)
 مسلم
* يعلم المؤمن أنه نزل إلى الدنيا ليبتلى ويكابد {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ }البلد4 ، فلا يفرح بعاجل زائل ولا بلذة منقطعة.

* ومن لطف الله أنه لن يجمع على المؤمنين المستضعف ذل الدنيا وعذاب الآخرة ، فمن آمن وعاش في الدنيا مظلوما مستضعفاً مهضوماً مبتلىً مقهورا ، أكرمه الله وأعزه في الآخرة برحمته.
قال صلى الله عليه وسلم :ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر " متفق عليه
وعنه صلى الله عليه وسلم قال " : تحاجت النار والجنة فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة: فمالي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقَطُهم وعجَزُهم!
فقال الله للجنة: أنتِ رحمتي أرحم بكِ من أشاء من عبادي، وقال للنار أنت عذابي أُعذِّب بكِ من أشاء من عبادي،
ولكل واحدة منكم ملؤها 
" متفقٌ عليه

فى الجنّة.. لن نبكى ، لن نحزن ،لن نبأس ، لن نفترق ، لن نحقد، لن نغار، لا ألم ، لا انتظار، لا قلق.
الجنة هى المتعة الأبدية والحلم الوحيد المتحقق الذى لا تنتهى صلاحيته .
تجمل أيها الآسي *** وبث الخير في الناسي.
وقرب فارس الإيمان *** واطرد فارس اليأسي.
ليزرع دربنا وردا *** ويتحفنا بريحاني.
ويقطع مارد الأشواك *** في رفق وإحساني.
ويسقي من معين الوحي *** عذبا كل ظمآني.

في يد من أثق به وأحبه ؟

زوجان متحابان - رغم اختلاف طباعهما – هو هادىء وهى غضوب وعصبية لأتفه الأمور
سافرا في رحلة بحرية ، و ثارت عاصفة كادت أن تودي بالسفينة ..
لم تتمالك الزوجة أعصابها ، فأخذت تصرخ وجميع الركاب في حالة هياج.
ولكنها فوجئت بالزوج كعادته جالساً هادئاً، فازدادت غضباً و اتهمته بالبرود واللامبالاة.
نظر إليها الزوج بوجه عابس واستل خنجره ووضعه على صدرها وقال لها بكل جدية: ألا تخافين من الخنجر؟!
نظرت إليه وقالت: لا .. فقال لها: لماذا ؟
فقالت: لأنه في يد من أثق به وأحبه ؟
فابتسم وقال لها: هكذا أنا عندك ؟ كذلك هذه الأمواج الهائجة فى بيد من نثق به ونحبه ، هو لطيف بعباده رؤوف بخلقه رحيم بالمؤمنين، فلماذا الخوف إن كان هو المسيطر على الأمور؟
نعم ..إذا أتعبتك أمواج الحياة .. وعصفت بك الرياح استبد بك القلق وصار كل شيء ضدك .. لا تخف !
فالله يحبك.. 
وهو الذي لديه القدرة على وقف كل ريح وصد كل مصيبة .. لا تخف !
هو يعرفك أكثر مما تعرف أنت نفسك ، 
ويكشف مستقبلك الذي لا تعلم عنه شيء فهو أعلم السّر وأخفى .

اطمئن.. والتحف الثقة به هو القوى وهو الرحيم ، هو القاهر وهو الودود ، هو القادر وهوالرحيم
إن كنت تحبه فاترك أمورك له ، وارم حملك عليه ، هو يحبك ويلطف بك ويحميك ويسترك ويجبرك.

ليست النهاية
من وسط الصخور تنبت الزهور ، فلا يأس ولا جزع وأنت مع الله ، سيجعل الله بعد عسر يسرا ،
اطمئن ، نم قرير العين لا تلق بالا لمكر الخلق وكيدهم ولو اجتمعوا عليك وأنت مع الله {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ }الطور48.. ليس لها من دون الله كاشفة.
أطلقها نبى الله موسى مدوية لما أحاط به فرعون وجنوده وظنوا أنها النهاية فإذا هى البداية لهلاك الطاغية .
قالوا يا موسى :إنا لمدركون
قال موسى بلسان الواثق من ربه ولطفه الخفى بعباده الضعفاء إليه : " كلا إن معى ربى سيهدين "

فجاء الفرج من حيث لا يحتسب ، فسبحان من يمهل ولا يهمل.
وباب الإجابة مفتوح والعاجز من عجز عن الدعاء
{وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ }آل عمران178 
إن الله ليملى للظالم فإذا أخذه لم يفلته

فاشدد يديك بحبل الله معتصما *** فإنه الركن وإن خانتك أركان

يقول د/ إبراهيم الفقي : هناك أوقات نشعر فيها أنها النهاية , ثم نكتشف أنها البداية وهناك أبواب نشعر أنها مغلقة ,
ثم نكتشف أنها المدخل الحقيقي .
لذا تأكد أن الله سبحانه وتعالي عندما يغلق بابا فإنه يفتح بابا أفضل وأروع منه .
وأن الباب الذي تعتقد أنه مغلق أمامك لم يعد يخدمك بل ويسبب لك الآلام والمتاعب وأنه قد حان الوقت للتغيير.

يقول ابن القيم :
لو كشف الله الغطاء لعبده وأظهر له كيف يدبر الله له أموره ، وكيف أن الله أكثر حرصا على مصلحة العبد من العبد نفسه ،
وأنه أرحم به من أمه ، لذاب 
قلب العبد محبة لله ولتقطع قلبه شكرا لله.

أيهما أفضل 
هل الشكر أفضل أم الصبر، وهل البلاء مع الصبر أم العافية؟ والغني الشاكر أم الفقير الصابر؟ يجيب ابن حزم: " هذا سؤال فاسد، إنما الفضل للعباد بأعمالهم، ونحن نسأل الله تعالى العافية والغنى، ونعوذ بالله من البلاء والفقر، وإنما الفضل بالصبر والشكر.
اختلف ثلاثــ أخوات فـــي مسألة :
قــــالت الأولى : أنا أحبّ الموت شوقاً للقاء ربّـــي . قـــالت الثانية : أنا أحبّ الحياة لعبادة ربـــي وطاعته .
قـــالت الثالثة : أنا لا اختـــار ، بل أرضي بما يختار لي ربّي إن شاء أحيـاني وإن شاء أماتني .
فاحتكموا إلى أحد العلماء العارفين بالله فقال لهم : صاحبة الرّضا أفضلهم .

زهور بين الصخور


البحر الهادىء لايصنع بحارا ماهرا ، والشدائد والابتلاءات تصنع الرجال وتظهر المعادن وتميز بين الأصيل والزائف
 {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ }البقرة251
 لعل عتبك محمود عواقبه *** وربما صحت الأجساد بالعلل .

*   قد تبكى بكاء المضطر وتنام .. والله عن تدبير أمورك لا ينام ..فتمهل واطمئن .
إنه لطيف ، يدبر لك في الغيب أمورا لو علمتها لبكيت فرحا.

الزهرة الأولى 
في حادث الإفك وما أدراك ما الإفك طعن في عرض أشرف الخلق .
وظن المسلمون أنه شر لهم فتنزل الآيات سكينة على المؤمنين ، ونارا تحرق المنافقين الشامتين بعرض أم المؤمنين ، فأعلى الله قدرها ، ورفع شأنها ، وصيّر ذكرها قرآنا يتلى إلى يوم القيامة.
{إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ 
لِكُلِّ
 امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }النور11

الزهرة الثانية
في غزوة بدر يخرج الكافرون للقتال ، ويخرج المسلمون للعِير ؛ غرض من الدنيا ولكن الله يسوقهم سوقا لحرب تغير الكون وتعزهم وتمكن لهم {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ }الأنفال7.
إنها الفرقان التى دبرت العناية الإلهية أسبابها ورتبت نتائجها .
ما كان المسلمون يتصورون أنهم يلاقون صناديد قريش وهم في قلة زاد وعتاد فضلا أن ينتصروا عليهم ويقتلوا أبطالهم ومن ثم تتغير موازين القوة والنصر والتمكين والعزة للمؤمنين ، فسبحان من مكّن وقدّر وسبحان من دبّر ولطف بعباده الضعفاء.
الزهرة الثالثة
وفى غزوة أحد بعد أن ذاقوا النصر يستخرج الله عبوديته من أوليائه الذين عبدوه في السراء لينظر كم هى فى الضراء ، ويتخذ منهم شهداء.
- ثم يميز الصف ويفضح المنافقين 
{وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ }آل عمران167
- كذا يتعلم المسلمون أعظم درس : أن معصيتهم لأمر الله ورسوله من أهم أسباب الهزيمة والإدالة عليهم {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }آل عمران165
وليس بين الله وبين خلقه محاباة {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء }آل عمران140
-   إن مصيبة تُقبل بها على ربك ، خير من نعمة تنسى بها ذكره.
- ثم يجردهم لعبادته ويربطهم بالله وحده وأن الدين دين الله لا دين أشخاص فيقول
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ
وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ }آل عمران144

- ويشج رأس النبى صلى الله عليه وسلم ويسيل الدم الزكى من وجهه فيقول : كيف يفلح فوم شجوا نبيهم؟!
فتنزل الآيات صارمة صريحة بأن الأمر لله وحده {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ }آل عمران128
فسبحان من لطف وستر وسبحان من علم وغفر.
ليس لك من الأمر شىء
حتى لو كنت نبيا مرسلا ليس لك من الأمر شىء ، فأمر الكون بيده ، يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء.
بل ويدعو الله من عذب أوليائه للتوبة ويفتح لهم باب المغفرة فالأمر أمره
{إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ }البروج10
فالصبر الجميل أن تبتلى وقلبك يلهج بالحمد لله والرضى بقضائه والتسليم لأمره .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " أَنَّ رِعْلاً وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ اسْتَمَدُّوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَدُوٍّ فَأَمَدَّهُمْ بِسَبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ كُنَّا نُسَمِّيهِمُ الْقُرَّاءَ فِي زَمَانِهِمْ كَانُوا يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ حَتَّى كَانُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قَتَلُوهُمْ وَغَدَرُوا بِهِمْ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو فِي الصُّبْحِ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ قَالَ أَنَسٌ فَقَرَأْنَا فِيهِمْ قُرْآنًا ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ رُفِعَ ( بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنَّا لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا) " البخاري .
يقول الصحابى الجليل خبّاب :
شكونا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا ؟- في رواية أحمد فجلس 
محمرا وجهه - قال ـ صلى الله عليه وسلم: كان الرجل فيمن قبلكم، يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمنّ هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون البخاري
- إن الدعوات بدون تضحيات، لا تعدو أن تكون خيالات وفلسفات تلفها الكتب وترويها الأساطير ثم تطوى مع الزمن.
- إن للسعادة والراحة ثمنًا، وإن للمجد والسلطان والتمكين ثمنًا، وثمن هذه الدعوة: دم زكي يهراق في سبيل الله من أجل تحقيق شرع الله ونظامه, وتثبيت معالم دينه على وجه البسيطة.
لأنه يحب لك الخير
- لأنه يحب لك الخير .. يبتليك بالضراء فتفقد حبيبا أو وظيفة أو بيتا ، ليستخرج من قلبك عبودية الصبر والرضى والتسليم لأمره ، فيرفع مكانتك والتى لن تبلغها بعملك.
- لأنه يحب لك الخير .. قد يمنع عنك رزقا تطلبه أو وظيفة أو زوجة لأنه يعلم أن في إجابة طلبك فساد لدينك أو دنياك.
- لأنه يحب لك الخير .. قد يبتليك الله بالأذى ممن حولك فينالون من كرامتك أوعرضك فيثقل ميزانك ، ويذهب غرورك، ولا يتعلق قلبك بالخلق، فتستوحش منهم وتأنس بالخالق.
- لأنه يحب لك الخير.. يُطيل عليك البلاء ويُريك من اللطف والعناية وانشراح الصدر ما يعوضك ويملأ قلبك معرفة به حتى يفيض حبه في قلبك.
- لأنه يحب لك الخير .. فتكون في بلاء ... فيُريك من هو أسوأ منك حالا (في نفس البلاء) ... فتشعر بلطفه بك وتقول من قلبك:
الحمد لله الذى عافانى مما ابتلى به كثيرا من خلقه.
- لأنه يحب لك الخير .. قد ينغص عليك نعمة كنت متمتعاً فيها لأنه رأى أن قلبك أصبح "مهموما" بالدنيا فأراد أن يريك حقيقتها لتزهد فيها وتشتاق للجنة.
- لأنه يحب لك الخير.. يؤخر عنك إجابة الدعاء حتى تستنفد كل الأسباب ، ثم يُصلحه لك من حيث لا تحتسب .
- لأنه يحب لك الخير .. حين تقوم بعبادة من أجل دنيا أو شهوة فيحرمك الدنيا حتى يعود الإخلاص إلى قلبك
- لأنه يحب لك الخير .. يعجل لك العقوبة على ذنبك حتى تُعجّل بالتوبة والإنابة إليه.
- لأنه يحب لك الخير .. قد يتخلى عنك كل شىء ويبقى الله معك ، فكن مع الله يبقى معك كل شىء ولا تبالى .
- لأنه يحب لك الخير .. يطيل عليك البلاء مع استمرارك بالدعاء .
هنا تأكد أن الله لا يريد إجابة دعوتك فقط ، بل يجزل لك العطاء فوق ما تطلب ويدخر لك الأجر والمثوبة. 

قوة العفو أقوى أم شهوة الانتقام؟
طالب جامعي تقىّ نقىّ خلوق يدرس القضاء بإحدى الجامعات العربية رجع بيته فإذا زوجته تخونه على فراشه ،
فلما رأوه زعروا وخافوا ! فما كان منه إلا أن قال للرجل: البس ثيابك .
فقال له الزانى : أقسم بالله العظيم أنها من أغرتني فقال: البس ثيابك وستر الله عليك
وأخرجه من منزله وهو يجتاش غيظا وقهرا ولكن أراد ما عند الله
فلما خرج الزانى ابتسم وقهقه ساخرا متعجبا من نجاته دون خسارة .
فقال الطالب الجامعي وهو مقهورمنه : حسبي الله ونعم الوكيل .
ورجع إلى زوجته وقال لها: اجمعي ملابسك وأشيائك وأنا انتظرك بخارج الغرفة كي تذهبي إلى أهلك
جلست تبكي وتفسر ما أصابها وأنها من نزوات الشيطان وتختلق كثيرا من التبريرات
التزم الصمت حتى انتهت من كلامها
وطلقها ثلاث طلقات وقال لها: ستر الله عليك وحسبي الله ونعم الوكيل
انتظرها بخارج الغرفة وسافر بها حوالي 300 كلم إلى أن أوصلها بيت أهلها .
و قال لها : ستر الله عليك واتقي الله الذي يراكي وسوف يرزقك من أوسع أبوابه!
فقالت له: فعلا أنا لا أستحقك مثلك.
مرت السنون حتى تخرج من الجامعة ولم تغب عن عينه للحظة واحدة تلك الضحكة الساخرة من ذلك الهاتك لعرضه .
تزوج من امرأة ثانية وأنجب منها .. وتم تعيينه قاضيا بالمحكمة
ويقول: عوضني الله بإنسانة لم أحلم يوما بها فكانت عظيمة بكل ما تعنيه الكلمة.
أكمل دراسته حتى حصل على الدكتوراه بالقضاء الإسلامي ووصل إلى المحكمة الكبرى
يقول: طلبت من الله في كل صلاه أن أنسى ذلك الموقف .. ولكن دائما يمر بي كل ما رأيت شخص يضحك فاستعيذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم.
وفي ذات يوم أتت لي أوراق القضايا كالعادة.. وكان الدور على قضية قتل للبتّ فيها.
وكانت المفاجأة التى لم أتصورها ، كان نفس الرجل الذي وجدته في فراش طليقتى ، وقد قام بقتل شخص زنى مع زوجته فى فراشه ! فسبحان من يمهل ولا يهمل ، كما تدين تدان و بالكيل الذي كلت به تكتال.
حضر إلىّ وهو مكبل بالحديد وحالته يرثى لها.
قلت له : ماذا أتى بك إلى هنا ؟  قال: لقد وجدت رجلا في فراشي مع زوجتي فقتلته .
فقال القاضي : ولماذا لم تقتل زوجتك حتى تكون الشجيع ابن الشجيع؟
فقال الرجل: لقد قتلت الرجل ولم أشعر بنفسي .
فقال القاضي: لماذا لم تتركه وتقول له ستر الله عليك؟! فقال الرجل: هل ترضاها يا شيخ على نفسك ؟
فقال القاضي: نعم أرضاها على نفسي ولا أقول إلا : حسبي الله ونعم الوكيل!
فما كان من الرجل إلا أن فتح فمه وقال: ..... لقد سمعت هذا الكلام من قبل !
فقال القاضي: نعم سمعته مني عندما غدرت بزوجتي وتستغل ذهابي للتحرش بها حتى أوقعت تلك المسكينة .
هل تذكر ضحكتَك عليّ وأنا أقول ستر الله عليك حتى تركتني أتحسب عليك والقهر يقطع جوفي؟
أمهلك الله لكنك تماديت بعصيانك وفجورك حتى أراد الله أن يقتص منك .
والآن سأصدر فيك حكم شرع الله عز وجل إلا إذا تنازل عنك أهل القتيل .
فقال الرجل: لا أريد منك إلا شيئا واحدا أن تسامحني وتدعوا لي بالرحمة ، نعم أطعت شيطاني وما قالته لك زوجتك صحيح
فأنا من تحرشت فيها بوسائل عدة وهذه الحقيقة وياليتك قتلتني ذلك الوقت ولم أر ما رأيته .
فما كان للقاضي إلا أن قال: سامحك الله دنيا وآخرة.
بل وسعى هذا القاضى التقىّ النقيّ من ضمن أهل الخير ليقنعوا أهل المتوفَّى في التنازل
ولكن حكمة الله فوق كل شيء أراد الله عز وجل أن يقتص من ذلك الرجل.
فانظر يا رعاك الله كيف أن قوة العفو والتسامح كانت أقوى من شهوة الانتقام !
وكيف أن الله دبر أمرهذا الشاب التقىّ ، والذى ضبط غضبه واتقى الله في زوجته حتى شفى غيظه وأرضاه من حيث لا يحتسب ،
وكبت عدوه وخذله ليقرّ عين المظلوم من الظالم 
فسبحان اللطيف الخبير.

مِنح فى طيات المحن
رُبَّ ضارة نافعة، ورُبَّ مِحْنَة أعقبت مِنْحة ، ولو علمتم ما في الغيب لرضيتم بالواقع ،
لا يؤخر الله أمرا إلا لخير ، ولا يحرمكِ أمرًا إلا لخير ، ولا يُنزل عليك بلاءً إلا لخير ، فلا تحزن فـربُّ الخير لا يأتي إلا بخير.
إن المؤمن يتقلّب بين مقام الشكر على النعماء ، وبين مقام الصبر على البلاء .
فيعلم علم يقين أنه لا اختيار له مع اختيار مولاه وسيّده ومالكه سبحانه وتعالى .
فيتقلّب في البلاء كما يتقلّب في النعماء ، وهو مع ذلك يعلم أنه ما مِن شدّة إلا و تزول ،
وما من حزن إلا ويعقبه فرح و سرور، وأن مع العسر يسرا ، وأنه لن يغلب عسر يُسرين .
{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً،إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} الشرح
فلا حزن يدوم ولا سرور *** ولا بؤس يدوم ولا شقاء.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: "إنَّ الله تعالى قال: إذا ابْتَلَيْتُ عبدي بحبيبتَيه فصبر عَوَّضْتُه منها الجنة" يريد عينيه" رواه البخارى
وقالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَالَ اللَّهُ : يَا مَلَكَ الْمَوْتِ قَبَضْتَ وَلَدَ عَبْدِي ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : قَبَضْتَ قُرَّةَ عَيْنِهِ ، وَثَمَرَةَ فُؤَادِهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَمَا قَالَ ؟ قَالَ : حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ . قَالَ : ابْنُوا لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ " قال الترمذى: هذا حديث حسن غريب " .
أما مَن سَخِطَ ولم يرضَ بقضاء الله وقدره فقد حُرِمَ الأجرَ وفاته الخير.
فالمؤمن يرى المنح في طيّـات المحن ويرى تباشير الفجر فى حُلكة الليل ، ويرى في سُمّ الحية الترياق ، وفي لدغة العقرب دواء ، ولسان حاله :
مسلمٌ يا صعاب لن تقهريني *** صارمي قاطع وعزمي حديد .
كيف يهون أو يضعف أو يظن بربه شرا وربه القائل {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران139
ينظر أعلى دائما فيرى تباشير النصر رغم تكالب الأعداء ، وينظر في جثث القتلى فيرى الدم نوراً
ويشمّ رائحة الجنة دون مقتله ويرى القتل فــوزاً وشهادة.
في الصحيحين عن حرام بن ملحان - رضي الله عنه - لما طُعن : قال :فُـزت وربّ الكعبة !
عندها تساءل الكافر جبار بن سلمى: وأي فوز يفوزه وأنا أقتله ؟!
أجابوه : هو رأى ما لم تـرَ ونظر إلى ما لم تنظر وأمّـل ما لم تؤمِّـل.
كان على وشك الشماتة فيه ، فذهب سروره بقتله لما رأى فرحه بشهادته
فما كان من الكافر إلا أن أسلم فسبحان من لطف ودبر الخير لهما.

سيجعل الله بعد عسر يسرا
رجل فقير يلبس ثيابا ممزقة لكنه تقى محافظ على الصلاة .
رحل إلى بلد طلبا للرزق ، حان وقت الصلاة وصل متأخرا وكان الجميع قد غادروا المسجد .
توضأ فلمح حزاما من جلد له جيوب معلقا على الحائط ، قلّبه فوجد في إحداها ذهبا و الأخرى مالا كثيرا فرح الفقير وقال أخيرا سأودع الفقر وهمّ بالخروج ، لكنه توقف وحدث نفسه : هذا الحزام له صاحب , يبحث عنه الان , وربما جن صاحبه أو مات كمدا على هذا المال ، و ليس لي حق في أخذه.
استعاذ الفقير من الشيطان وقال : لا أعيش من مال حرام ، وصلى صلاته ثم جلس في ركن الوضوء ومعه الحزام وبقي ينتظر ، دخل المسجد رجل يبدو عليه الاضطراب يبحث عن شئ
سأل الفقير: هل رأيت حزاما من جلد كان معلق على ذاك الحائط ؟
قال الفقير: ما أوصافه؟ فذكر أوصافه ، فأعاده اليه , وتفحص الرجل الحزام فوجده كما تركه ثم مد يده الى جيب الحزام وأخرج بعض المال ليعطيه الفقير ،فرفض و ألحّ عليه فرفض .
وبقي الرجل الفقير في البلدة خمسة أشهر وهو على حاله تلك يطعمه أهل القرية مرة ويصدون عنه أخرى.
وفى يوم اشتم رائحة طعام من أحد البيوت و كان بابه مفتوحا فدخل , لم يجد أحدا و وجد الطعام فجلس و رفع لقمة من ذاك الطعام وقبل ان تصل الى فمه توقف , وتعوذ من الشيطان وقال لايحق لي أن آكل من طعام لم أُدع اليه وأدخل بيتا لم يؤذن لي بدخوله , فاستغفر الله وغادر البيت.
وبينما هو في الطريق قابله قاضى البلدة والذى أعجب بتقواه وورعه ولزومه للصلاة فى المسجد .
سأله القاضي : ألك زوجة وأولاد؟ قال: لا , فقال القاضي :فما رأيك أن ازوجك ؟ فضحك الفقير وقال: انا لا أجد قوتي وأنا وحيد فكيف ومعي زوجة؟! و ليس لي بيت , ومن المرأة التي توافق على الزواج من رجل فقير مثلي ؟!
فقال القاضي :يوجد في هذه البلدة امرأة أرملة غنية ولقد كثر كلام الناس عليها فلجأت الي لأبحث لها عن رجل تقي حسن الخلق يكفيها أذي الناس وكلامهم واني لسائر اليها الآن فإن شئت أتيت معي فخطبتها لك , وإن رفضت فلن تخسر شيئا.
طرقا الباب أدخلتهما وإذا به نفس البيت الذى كان فيه الطعام , فنظرت إليه تتأمل ثيابه الرثة الممزقة ثم طلبت القاضي في حديث منفرد : أنت من اخترت الرجل ؟
قال: القاضي نعم وهو ليس من هذه البلدة , وهو فقير لايملك بيتا ولا مالا, وقد أعجبنى منه تقواه و صلاته وورعه , والذى يحافظ على دينه يحافظ على أهله.
وافقت المرأة ومن فرحة الفقير طلب الإسراع في الزواج الليلة !
فطلب القاضي من المرأة أن تحضر شاهدين على الزواج من جيرانها وتم الزواج .
سألته الزوجة :هل تناولت عشاءك ؟ قال: أنا لم أتذوق الطعام منذ يومين , فأتته بالطعام فإذا به نفس الطعام الذي تراجع عن أكله قبل أن يلقى القاضي, فبكى الرجل!!
فقالت: الزوجة ما بك؟ فأخبرها بما حدث, فقالت: لا بأس عليك إن الله أراد أن يكافئك بالحلال عوضا عن الحرام .
فسألها : ولكن لم يكن أحد بالبيت عندما دخلته؟ قالت : إنها كانت تحمل بعض الطعام إلى أحد الجيران.
وفى الصباح سألته : أتحب أن تعمل لتكسب قوتنا؟ قال :نعم , قالت : فما رأيك بالتجارة وتصبح تاجرا كزوجي السابق؟
قال : وأين لي بالمال لأتاجر به ؟
فأتت بحزام من الجلد ! فسألها : ما هذا؟ قالت : هو حزام تركه لي زوجي وفيه مال كثير و بعض الذهب الذي سأعطيك إياه لتتاجر به .
تأمله فإذا به نفس الحزام الذي وجده في المسجد وبكى مرة أخرى , وسالته الزوجة عن سبب بكائه؟
فأخبرها بقصة الحزام الذي صار سببا في ثراءه .
فسبحان من ساق لعباده رزقهم وأغناهم ، وأسبغ على عباده ستره الجميل وعافاهم.
وحقا {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً }الطلاق3 وقال َ{مَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً }الطلاق4
شَمِلَتْ لطائِفُهُ الخلائِقَ كلَّهَا *** ما للخَلَائقِ كافلٌ إلَّا هُو.
فعزيزُها وذليلُها وغنيُّها 
*** وفقيرُها لا يرتَجُون سِوَاهُ.
مَلِكٌ تدينُ لهُ المُلوكُ ويَلْتَجِي
*** يومَ القيامةِ فقرُهُم بغِناهُ.
سُبحانَ من عَنَتِ الوُجُوهُ لوجهه 
*** ولهُ سُجُودٌ أوجهٌ وجباهُ.
طوعًا وكرهًا خاضِعينَ لعِزِّهِ 
*** ولهُ عليها الطَّوْعُ والإكْرَاهُ.
سَلْ عنهُ ذرَّاتِ الوجُودِ فإنها 
*** تدعُوهُ معبُودًا لها ربَّاهُ.
هو أوَّلٌ هو آخرٌ هو ظاهرٌ
*** هو باطنٌ ليسَ العيُونُ تراهُ.
ربٌّ رحيمٌ مُشْفِقٌ متعطِّفٌ 
*** لا ينتَهِي بالَحصْرِ ما أعطاهُ.
كم نعمةٍ أولى وكم من كُربَةٍ
 *** أجلَى وكم من مُبتلًى عافاهُ؟!
وإذا بُليتَ بغُربةٍ أو كُربةٍ 
*** فادعُ الإلهَ ونادِ يا اللهُ.
لا مُحسنُ الظنِّ الجميلِ بهِ يَرى
 *** سُوءًا ولا راجِيهِ خابَ رجاهُ.
ولحِلْمِهِ سُبحانهُ يُعصَى فلم 
*** يَعْجَلْ على عبدٍ عَصَى مولاهُ.
يأتيهِ مُعتَذِرًا فيقبلُ عُذْرَهُ 
*** كرمًا ويغفرُ عمدَهُ وخَطَاهُ.
يا ذا الجلالِ وذا الجمالِ وذا البَقَا 
*** يا مُنعِمًا عمَّ الأنامَ نَدَاهُ.



لا تعلم أين الخير
من يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله ، ومن يتصبر يصبره الله ، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر . .
معلمة ذات خلق ودين وجمال ، زميلاتها سألنها في المدرسة.. 
لماذا لم تتزوجي رغم كثرة الخطّاب ؟
فقالت: هناك امرأة متزوجة ولها خمسة بنات فهددها زوجها إن ولدت بنتا فسيتخلص منها!
... وفعلا ولدت بنتا، فقام الرجل ووضع البنت عند باب المسجد بعد صلاة العشاء وعند صلاة الفجر وجدها لم تؤخذ من عند باب المسجد ، فأحضرها إلى المنزل وكل يوم يضعها عند المسجد وبعد الفجر يجدها ! 
سبعة أيام مضت على هذا الحال ، وكانت والدتها تدعو الله أن يردها .
ملّ الرجل فأحضرها وفرحت بها الأم .. حملت الأم مرة أخرى وعاد الخوف من جديد فولدت هذه المرة ذكرا ،
ولكن البنت الكبرى ماتت ، ثم حملت بولد آخر فماتت البنت الأصغر من الكبرى !!
وهكذا إلى أن ولدت خمسة أولاد وتوفيت البنات الخمس وبقيت البنت السادسة التي كان يريد والدها التخلص منها !!
وتوفيت الأم وكبرت البنت وكبر الأولاد وصار الأب عجوزا كبيرا ليس له من يرعاه سوى تلك البنت ، بل وأحضرت له خادمة وسائق.وكانت نعم البنت البارة بأبيها تطعمه وتسقيه وتمرضه وتقضى حوائجه.
أما الذكور الخمس لا يزورون أباهم إلا نادراويعقونه !
أما الأب فهو دائم البكاء ندماً على ما فعله بالبنت الكبرى .
قالت المعلمة أتدرون من هي هذه البنت التي أراد والدها التخلص منها ؟؟؟
إنها أنا ! لذا حتى الآن لم أتزوج !
الْعَبْدُ ذُو ضَجَرٍ ، وَالرَّبُّ ذُو قَدَرٍ*** وَالدَّهْرُ ذُو دُوَلٍ ، وَالرِّزْقُ مَقْسُومُ.
وَالْخَيْرُ أَجْمَعُ فِيمَا اخْتَارَ خَالِقُنَا 
*** وَفِي اخْتِيَارِ سِوَاهُ اللَّوْمُ وَالشُّومُ .
هل تراه يسامحنى؟!!  

في المسجد الحرام .. عجوز تصلى وتبكى بحرقة ،الدموع لا تفارق عينها،
وكان شاب يأتى لخدمتها ويراعيها ويقبل رأسها كل حين ويقضى حاجاتها؟
سألتها من بجوارها متعجبة من حالها : لما كل هذا البكاء؟!
قالت العجوز: من العذاب الذى في قلبى هل يغفر الله لى؟
قالت : عسى ما شر فقالت : أحكى لك قصتى : كنت متزوجة من زوج ونعم الزوج
كان يحبني ويحترمني غير أنى كنت عقيما، فأشرت إليه بالزواج فرفض فألححت عليه
حتى أتيت له بامرأة وخطبتها له حتى تم الزواج.
شيئا فشيئا أخذ يميل إليها لا سيما بعد أن صارت حُبلى وفرح بمجىء مولوده ورحت أصلى بنار الغيرة
وبعد عام جاءنى يخبرنى أنه ذاهب للسفرمع زوجته ويطلب أن يترك 
الولد عندى ، وافقت وأنا على مضض.
وكان الوقت شتاء وكنت أشعل الفحم للتدفئة ، فاقترب الطفل من النار فتركته يصلى بها
بل تماديت أن أضغط بها على الفحم حتى ذابت يده وهو يصرخ من العذاب .
هكذا سولت لى نفسى أن أطفء نار قلبى من الغيرة بتعذيب طفل لا ذنب له.
وتمر الأيام ويأتينى خبر وفاة زوجى مع زوجته في طريق العودة . فصرت أرملة وطال عمرى وعجز جسمى وليس لى أحد يرعانى ويقضى حوائجى ويطعمنى ويسقينى ويؤنس وحشتى ويداوي جرحى ويطببنى إلا هذا الولد والذى صار أعز الناس إلىّ وأكرمهم بى !
كلما رأيت يديه مشوهتين تلك اليدان التى طالما حملنى وأطعمنى وسقانى بهما ، وينادى:  يامه تريدين شىء؟ وحتى الآن لا يعرف أننى السبب فى ذهاب يديه.
لازلت أعاني من العذاب وتأنيب الضمير وأدعو ربي أن يغفرلي ذنبي ويعوضه هذا الولد البار خيرا كما أحسن إلىّ، فهل تراه يسامحنى؟!!

ما أثر تعظيم لطف الله في النفوس ؟
إنَّ ترسيخَ قيمةِ تعظيمِ اللهِ اللطيف والاستسلام لقضائه والرضا بحكمه والظن الجميل بعدله يعالجُ كثيرًا من مشاكلِ المجتمعِ الأمنيةِ والاقتصاديةِ والإداريةِ بأيسرِ السبلِ وأقلِّ التكاليفِ والأعباءِ على الدولةِ.
بل ويعالجُ كثيرًا من المشكلاتِ الاجتماعيةِ كعقوقِ الوالدينِ وقطيعةِ الرحمِ وظلمِ المرأةِ والعنفِ الأسريِّ وانتهاكِ الأعراضِ و الاعتداءِ على الأنفسِ والأموالِ وغيرها .
لا توجدُ مشكلةٌ إلا ومن أعظمِ أسبابِها ضعفُ تعظيمِ اللهِ عزوجل في النفوسِ.
رأينا أثر هذه القيمةَ لما ترسَّختْ في نفوسِ جيل الصحابة والتابعين وتابعيهم أنتجتْ أمةً ضربتْ أروعَ الأمثلةِ في الخلق والطهارةِ والتقى والاستقامةِ والعبادة والأمانةِ وحسن معاملة الناس والمدنية والتحضر والتلطف معهم.
واجبنا الآن
على كل منّا أن يتلطف بإخوانه ويتغافل عن زلاتهم ، قال تعالى {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً }83البقرة ، ويصلح ذات البين .
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عزّ وجلّ سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربة أو يقضي عنه ديناً أو يطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد - مسجد المدينة - شهراً ، ومن كفّ غضبه ستر الله عورته، ومن كتم غيظه ولو شاء أن يُمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة ، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام ..» صححه الألباني
وقال صلى الله عليه وسلم :
" يَا عَائِشَةُ : إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ"[مسلم]
وقال " ألا أخبركم بمن يحرم على النار ومن تحرم عليه النار؟ .. على كل قريب هين سهل" رواه الترمذي وصححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (1744)
من أراد أن يدمر نفسه ما عليه إلا أن يملأ قلبه حقدا وكرها ، وقد حفر قبره بيديه ولن يشفى غيظه.
فأحسن الظن بربك يصلح الله حالك ويروق بالك ، وارج الخير لغيرك يأت الخير لبابك ،
واتق الله في معاملة الناس وتلطف معهم يجعل الله لك مخرجا ويرزقك من حيث لا تحتسب.

يا أرحم الراحمين، يا صاحبي عند شدتي، يا مؤنسي في وحدتي، يا حافظي في نعمتي، يا ولييّ في نفسي، يا كاشف كربتي، يا مستمعَ دعوتي، يا راحمَ عبرتي، يا مقيلَ عثرتي، يا إلهي بالتحقيق، يا ركني الوثيق... يا مولاي الشفيق، يا رب البيت العتيق... يا فارج الهم، وكاشفَ الغم، ويا منزل القَطر، ويا مجيبَ دعوة المضطرين، يا رحمـن الدنيـا والآخـرة ورحيمهما... يا كاشفَ كلِّ ضرٍ وبلية، ويا عالم كُلِّ خَفِيّة، يا أرحم الراحمين
اللهم إنك لطيف لما تشاء وأنت العليم الحكيم الخبير، ارفع عنا البلاء والشقاء وأعذنا من الشيطان الرجيم وقنا عذاب النار.
اللهم أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الظالمين.
بقلم الفقير إلى الله / أبو مسلم وليد برجاس