الجمعة، 8 نوفمبر 2013

خير


بسم الله والحمد لله

خير

له الحمد كلُّهُ وله الملكُ كلُّه، وبيدهِ الخيرُ كلُّهُ، وإليه يرجعُ الأمرُ كلُّهُ، شملت قدرتُهُ كلَّ شيءٍ، ووسعتْ رحمتُهُ كلَّ شيءٍ، ووسَعَت نعمتُهُ إلى كلِّ حيّ.له الخلقُ والأمرُ، وله الملكُ وله الحمدُ، وله الدنيا والآخرةُ، وله النعمةُ، وله الفضلُ، وله الثناءُ الحسنُ.
﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن:29]
يغفرُ ذنبًا، ويفرِّجُ همًّا، ويكشفُ كربًا، ويجبرُ كسيرًا، ويُغني فقيرًا، ويُعَلِّمُ جاهلًا، ويهدي ضالًّا، ويُرشِدُ حيرانًا، ويغيث لَهْفَانًا، ويَفُكُّ عانيًا، ويُشبع جائِعًا، ويَكْسُو عاريًا، ويشفي مريضًا، ويُعافي مبتلى، ويقبل تائبًا، ويجزي محسنًا، وينصرُ مظلومًا، ويقصمُ جبَّارًا، ويقيل عثرَةً، ويسترُ عورةً، ويُؤَمِّن روعةً، ويرفعُ أقوامًا، ويضع آخرين.
أظهر الجميل، وستر القبيح، ، لا يؤاخذ بالجريرة ، ولا يهتك الستر، حسن التجاوز، واسع المغفرة، باسط اليدين بالرحمة، صاحب كل نجوى، منتهى كل شكوى، كريم الصَفح، عظيم المنّ، مبتدئ النعم قبل استحقاقها ، الخير كله في يديه ، والشر ليس إليه ، خيره إلى العباد نازل، وشرهم إليه صاعد ،
يتودد إليهم بالنعم وهو الغني عنهم، ويتبغضون إليه بالمعاصي وهم أفقر ما يكونون إليه .
روى الإمام أحمد عن صهيب رضي الله عنه قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد مع أصحابه إذ ضحك ، فقال : ألا تسألوني مم أضحك ؟ قالوا : يا رسول الله ومم تضحك ؟
قال : عجبت لأمر المؤمن إن أمره كله خير ؛ إن أصابه ما يحب حمد الله ، وكان له خير ، وإن أصابه ما يكره فَصَبَر كان له خير ، وليس كل أحد أمرُه كلُه له خير إلا المؤمن
.{
23412 }
سبحــــانه من لطيف خبيــــر .. يرفق بعبـــاده ويلطف بهم، يرزق من يشــاء بغير حســـاب ومنعه هو خيـــر العطــــاء ..
يعلم مصالح جميع الخلائق؛ الجن والإنس والطير والحيوان والجماد والنبـــات، ثم يسلك سبيلَ الرفق في إيصال هذه المصالح إلى مستحقِّها دون العُنْف ..
لو نظر الإنسان إلى الكون من حوله، لوجد آثـــار لطف الله تعالى بخلقه واضحةً جليَّة ..
ولوجد المرءَ نفسه في نهاية العجز، واللهُ تعالى في نهاية اللطف، ولطفُه به هو الذي جعله على هذا الحال الحسن، فليس لك إلا أن تدعوه سبحــــانه قائلاً: 
يـــــا لَطِيــــــف.. الْطُفْ بِنـــــا
يارب إن أعطيتني قبلت ، وإن منعتني رضيت ، وإن تركتني عبدت ، وإن دعوتني أجبت
فنحن له عبيد .. يفعل بنا ما يريد.

دواء لا مثيل له  

لكل من أصابه القلق والاضطراب والحزن واليأس لكل مقهور لحال المسلمين
إذا أردت انشراح الصدر وهدوء البال والسكينة والطمأنية والراحة ردد هذا الدواء:
{ إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }الأنبياء87
{قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }التوبة51
طريقة استعماله : اقرأه وأنت ساجد بين يدى الله .
الفاعلية والأثر : {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ }الأنبياء88.
خواصه : يتميز هذا الدواء بخواص مسكنة , تبعث في النفس طمأنينة وراحة وتطرد الخوف والحزن والقلق والتوتر العصبي .
دواعي الاستعمال : يستعمل خاصة عند إحساسك بالظلم , والعجز , والقهر والغم وما يعتصر قلبك من منغصات الحياة .
مدة العلاج : كرر صرف هذا الدواء بدون توقف .
· ملاحظه هامة 

1- لا تجعل الدعاء كالدواء ؛ لا تستعمله إلا عند المرض والمصيبة فقط ، بل اجعل الدعاء كالهواء ادع ربك في السراء والضراء .
2- انشر هذا الدواء بين الناس واجعله في متناول الجميع.
يقول ابن القيم : 
"ما يَبْتَلِي الله بهِ عبادَهُ من المصائبِ، وَيَأْمُرُهُم بهِ من المكارهِ، وَيَنْهَاهُم عنهُ من الشَّهَوَاتِ، هيَ طُرُقٌ يُوصِلُهُم بها إلى سعادتِهِم في العاجلِ والآجلِ، وقدْ حُفَّت الجنَّةُ بالمكارهِ، وَحُفَّت النارُ بالشهواتِ."
وقدْ قَال صلى الله عليه وسلم : "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ” رواه مسلم
فالقضاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ لِمَنْ أُعْطِيَ الشكرَ والصبرَ جَالِبًا ما جَلَبَ .
وكذلكَ ما فَعَلَهُ بآدَمَ وإبراهيمَ وموسَى وعيسَى ومحمَّدٍ عليهم الصلاة والسلام من الأمورِ التي هيَ في الظاهرِ مِحَنٌ وابتلاءٌ، وهيَ في الباطنِ طُرُقٌ خَفِيَّةٌ أَدْخَلَهُم بها إلى غايَةِ كَمَالِهِم وَسَعَادَتِهِم"  شفاء العليل (1:104)

هو اللطيف

اللطيف في اللغة: صفة مشبهة للموصوف باللطف، فعله: لطف يلطف لطفًا،
ولطف الشيء رقته واستحسانه وخفته على النفس، ويطلق على الشيء الخفي المحجوب .
واللطف : الرقة والحنان والرفق .. فاللطيف من أسماء الجمال لله سبحانه وتعالى.
ورد اسم الله تعالى اللطيـــف سبع مرات في القرآن الكريم، وله معنيان:
المعنى الأول :
اللطيف سبحانه هو الذي اجْتَمع له العلمُ بدَقائق المصَالح وإيصَالها إلى مَن قدرها له مِن خَلقهِ
مع الرفق في الفِعْل والتنفيذ .

قال تعالى {اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ..} [الشورى:19]
فالله لطيفٌ بعباده رفيقٌ بهم قريبٌ منهم، يعامل المؤمنين بعطف ورأفة وإحسان، ويدعو المخالفين إلى التوبة والغفران مهما بلغ بهم العصيان، فهو لطيف بعباده يعلم دقائق أحوالهم، ولا يخفى عليه شيء مما في صدورهم ، ولم يقترن اسم الله اللطيف إلا باسمه الخبير قال تعالى: { أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ } [الملك:14]،
وقال لقمان لابنه وهو يعظه: { يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } [لقمان: 16].
فالله تعالى يطلِّع على بواطن الأمور ويلطف بعباده ، فلا يُقدِر لهم إلا ما فيه الخير .
وقد يخفى على العبد هذا الخير، فيُقابل قضاء الله بالاعتراض. 

المعنى الثاني :
اللطيف هو الذي ييسر للعباد أمورهم فيسوق إليهم البر والإحسان من حيث لايشعرون
ويعصمهم من الشر من حيث لايحتسبون ويستجيب منهم دعاؤهم ،

وقد يؤخر الإجابة كما فعل مع يعقوب عند فقده ليوسف أربعين سنة لما يدخره من رفع شأنه وعلو مقامه.
فهو المحسن إلى خلقه في خفـــاء وستر من حيث لا يعلمون
وهوَ اللَّطِيفُ بِعَبْدِهِ وَلِعَبْدِهِ *** واللطفُ في أوصافِهِ نَوْعَانِ.
إدراكُ أسرارِ الأمورِ بِخِبْرَةٍ 
*** واللطفُ عندَ مَوَاقِعِ الإحسانِ.
فَيُرِيكَ عِزَّتَهُ وَيُبْدِي لُطْفَهُ 
*** والعبدُ في الغَفَلاتِ عنْ ذا الشَّانِ.
هل تقلق من تدبير البشر؟! 

قال تعالى عن يوسف عليه السلام {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } [يوسف: 100]
أراد إخوة سيدنا يوسف أن يتخلصوا منه ويقتلوه .. فلم يمت !
ثم أرادوا نفيه فرموه في بئر لُيمحى أثره و يلتقطه بعض السيارة.. فارتفع شأنه !
ثم بيع ليكون مملوكا .. فصار ملكا !
ثم أرادوا أن يمحوا محبته من قلب أبيه .. فازدادت !
فلا تقلق من تدابير البشر.. فغايتهم أن ينفذوا ما أراد الله ، وإرادة الله فوق إرادة البشر .
{حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ }يوسف110
لماذا الحزن واليأس؟
كم هو شعور سامى ونبيل لحزنك لمصاب المسلمين ولكن ليست النهاية أن نيأس ونحبط أونتعجل النصر

{مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ }الحج15
قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }الحج11
يصل به الأمر إلى البطر والأشرأن يقول: هذا بعلمي وبجهدي، كما قال قارون من قبل 
{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي }القصص78
وبعضهم يظن أن الله يحبه فأعطاه ، يقول: { وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً }الكهف36
 المؤمن إن جاءه ما يسرّه سُـرّ فحمد الله وإن توالت عليه أسباب الفرح فرِح من غير بطـر
يخشى من ترادف النِّعم أن يكون استدراجا ومن تتابع الْمِنَن أن تكون طيباته عُجِّلت له.
*  أُتِـيَ عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بطعام وكان صائما ، فقال : قُتل مصعب بن عمير وهو خير مني كُفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه ، وإن غُطي رجلاه بدا رأسه ، وقتل حمزة وهو خير مني ، ثم بُسط لنا من الدنيا ما بسط - أو قال - أعطينا من الدنيا ما أعطينا ، وقد خشينا أن تكون حسناتنا عُجِّلت لنا ، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام . رواه البخاري .
إن أُنعِم على المؤمن بنعمة علِم أنها محض مِـنّـة وأنه ما رُزق بسبب خبرته ، ولا لقوة حيلته
فمن ظن أن الرزق يأتي بقوّة *** ما أكل العصفور شيئا مع النّسر .
 وكذا المؤمن لا يضجر ولا يمل ولا ييأس ، لأن قلبه متصل بالله مطمئن بوعده مستسلم لقدره 

يقول ابن الجوزي:
" إياك إياك أن تستطيل زمان البلاء، وتضجر من كثرة الدعاء، فإنك مُبتلى بالبلاء، مُتعبد بالصبر والدعاء،
ولا تيأس من روح الله وإن طال البلاء"

قال صلى الله عليه وسلم (مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ ، وَلا نَصَبٍ ، وَلا سَقَمٍ وَلا حَزَنٍ وَلا أَذًى
حَتَّى الْهَمُّ يُهِمُّهُ إِلا اللَّهُ يُكَفِّرُ بِهِ عَنْهُ مِنْ سَيِّئَاتِهِ)
 مسلم
* يعلم المؤمن أنه نزل إلى الدنيا ليبتلى ويكابد {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ }البلد4 ، فلا يفرح بعاجل زائل ولا بلذة منقطعة.

* ومن لطف الله أنه لن يجمع على المؤمنين المستضعف ذل الدنيا وعذاب الآخرة ، فمن آمن وعاش في الدنيا مظلوما مستضعفاً مهضوماً مبتلىً مقهورا ، أكرمه الله وأعزه في الآخرة برحمته.
قال صلى الله عليه وسلم :ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر " متفق عليه
وعنه صلى الله عليه وسلم قال " : تحاجت النار والجنة فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة: فمالي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقَطُهم وعجَزُهم!
فقال الله للجنة: أنتِ رحمتي أرحم بكِ من أشاء من عبادي، وقال للنار أنت عذابي أُعذِّب بكِ من أشاء من عبادي،
ولكل واحدة منكم ملؤها 
" متفقٌ عليه

فى الجنّة.. لن نبكى ، لن نحزن ،لن نبأس ، لن نفترق ، لن نحقد، لن نغار، لا ألم ، لا انتظار، لا قلق.
الجنة هى المتعة الأبدية والحلم الوحيد المتحقق الذى لا تنتهى صلاحيته .
تجمل أيها الآسي *** وبث الخير في الناسي.
وقرب فارس الإيمان *** واطرد فارس اليأسي.
ليزرع دربنا وردا *** ويتحفنا بريحاني.
ويقطع مارد الأشواك *** في رفق وإحساني.
ويسقي من معين الوحي *** عذبا كل ظمآني.

في يد من أثق به وأحبه ؟

زوجان متحابان - رغم اختلاف طباعهما – هو هادىء وهى غضوب وعصبية لأتفه الأمور
سافرا في رحلة بحرية ، و ثارت عاصفة كادت أن تودي بالسفينة ..
لم تتمالك الزوجة أعصابها ، فأخذت تصرخ وجميع الركاب في حالة هياج.
ولكنها فوجئت بالزوج كعادته جالساً هادئاً، فازدادت غضباً و اتهمته بالبرود واللامبالاة.
نظر إليها الزوج بوجه عابس واستل خنجره ووضعه على صدرها وقال لها بكل جدية: ألا تخافين من الخنجر؟!
نظرت إليه وقالت: لا .. فقال لها: لماذا ؟
فقالت: لأنه في يد من أثق به وأحبه ؟
فابتسم وقال لها: هكذا أنا عندك ؟ كذلك هذه الأمواج الهائجة فى بيد من نثق به ونحبه ، هو لطيف بعباده رؤوف بخلقه رحيم بالمؤمنين، فلماذا الخوف إن كان هو المسيطر على الأمور؟
نعم ..إذا أتعبتك أمواج الحياة .. وعصفت بك الرياح استبد بك القلق وصار كل شيء ضدك .. لا تخف !
فالله يحبك.. 
وهو الذي لديه القدرة على وقف كل ريح وصد كل مصيبة .. لا تخف !
هو يعرفك أكثر مما تعرف أنت نفسك ، 
ويكشف مستقبلك الذي لا تعلم عنه شيء فهو أعلم السّر وأخفى .

اطمئن.. والتحف الثقة به هو القوى وهو الرحيم ، هو القاهر وهو الودود ، هو القادر وهوالرحيم
إن كنت تحبه فاترك أمورك له ، وارم حملك عليه ، هو يحبك ويلطف بك ويحميك ويسترك ويجبرك.

ليست النهاية
من وسط الصخور تنبت الزهور ، فلا يأس ولا جزع وأنت مع الله ، سيجعل الله بعد عسر يسرا ،
اطمئن ، نم قرير العين لا تلق بالا لمكر الخلق وكيدهم ولو اجتمعوا عليك وأنت مع الله {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ }الطور48.. ليس لها من دون الله كاشفة.
أطلقها نبى الله موسى مدوية لما أحاط به فرعون وجنوده وظنوا أنها النهاية فإذا هى البداية لهلاك الطاغية .
قالوا يا موسى :إنا لمدركون
قال موسى بلسان الواثق من ربه ولطفه الخفى بعباده الضعفاء إليه : " كلا إن معى ربى سيهدين "

فجاء الفرج من حيث لا يحتسب ، فسبحان من يمهل ولا يهمل.
وباب الإجابة مفتوح والعاجز من عجز عن الدعاء
{وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ }آل عمران178 
إن الله ليملى للظالم فإذا أخذه لم يفلته

فاشدد يديك بحبل الله معتصما *** فإنه الركن وإن خانتك أركان

يقول د/ إبراهيم الفقي : هناك أوقات نشعر فيها أنها النهاية , ثم نكتشف أنها البداية وهناك أبواب نشعر أنها مغلقة ,
ثم نكتشف أنها المدخل الحقيقي .
لذا تأكد أن الله سبحانه وتعالي عندما يغلق بابا فإنه يفتح بابا أفضل وأروع منه .
وأن الباب الذي تعتقد أنه مغلق أمامك لم يعد يخدمك بل ويسبب لك الآلام والمتاعب وأنه قد حان الوقت للتغيير.

يقول ابن القيم :
لو كشف الله الغطاء لعبده وأظهر له كيف يدبر الله له أموره ، وكيف أن الله أكثر حرصا على مصلحة العبد من العبد نفسه ،
وأنه أرحم به من أمه ، لذاب 
قلب العبد محبة لله ولتقطع قلبه شكرا لله.

أيهما أفضل 
هل الشكر أفضل أم الصبر، وهل البلاء مع الصبر أم العافية؟ والغني الشاكر أم الفقير الصابر؟ يجيب ابن حزم: " هذا سؤال فاسد، إنما الفضل للعباد بأعمالهم، ونحن نسأل الله تعالى العافية والغنى، ونعوذ بالله من البلاء والفقر، وإنما الفضل بالصبر والشكر.
اختلف ثلاثــ أخوات فـــي مسألة :
قــــالت الأولى : أنا أحبّ الموت شوقاً للقاء ربّـــي . قـــالت الثانية : أنا أحبّ الحياة لعبادة ربـــي وطاعته .
قـــالت الثالثة : أنا لا اختـــار ، بل أرضي بما يختار لي ربّي إن شاء أحيـاني وإن شاء أماتني .
فاحتكموا إلى أحد العلماء العارفين بالله فقال لهم : صاحبة الرّضا أفضلهم .

زهور بين الصخور


البحر الهادىء لايصنع بحارا ماهرا ، والشدائد والابتلاءات تصنع الرجال وتظهر المعادن وتميز بين الأصيل والزائف
 {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ }البقرة251
 لعل عتبك محمود عواقبه *** وربما صحت الأجساد بالعلل .

*   قد تبكى بكاء المضطر وتنام .. والله عن تدبير أمورك لا ينام ..فتمهل واطمئن .
إنه لطيف ، يدبر لك في الغيب أمورا لو علمتها لبكيت فرحا.

الزهرة الأولى 
في حادث الإفك وما أدراك ما الإفك طعن في عرض أشرف الخلق .
وظن المسلمون أنه شر لهم فتنزل الآيات سكينة على المؤمنين ، ونارا تحرق المنافقين الشامتين بعرض أم المؤمنين ، فأعلى الله قدرها ، ورفع شأنها ، وصيّر ذكرها قرآنا يتلى إلى يوم القيامة.
{إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ 
لِكُلِّ
 امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }النور11

الزهرة الثانية
في غزوة بدر يخرج الكافرون للقتال ، ويخرج المسلمون للعِير ؛ غرض من الدنيا ولكن الله يسوقهم سوقا لحرب تغير الكون وتعزهم وتمكن لهم {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ }الأنفال7.
إنها الفرقان التى دبرت العناية الإلهية أسبابها ورتبت نتائجها .
ما كان المسلمون يتصورون أنهم يلاقون صناديد قريش وهم في قلة زاد وعتاد فضلا أن ينتصروا عليهم ويقتلوا أبطالهم ومن ثم تتغير موازين القوة والنصر والتمكين والعزة للمؤمنين ، فسبحان من مكّن وقدّر وسبحان من دبّر ولطف بعباده الضعفاء.
الزهرة الثالثة
وفى غزوة أحد بعد أن ذاقوا النصر يستخرج الله عبوديته من أوليائه الذين عبدوه في السراء لينظر كم هى فى الضراء ، ويتخذ منهم شهداء.
- ثم يميز الصف ويفضح المنافقين 
{وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ }آل عمران167
- كذا يتعلم المسلمون أعظم درس : أن معصيتهم لأمر الله ورسوله من أهم أسباب الهزيمة والإدالة عليهم {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }آل عمران165
وليس بين الله وبين خلقه محاباة {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء }آل عمران140
-   إن مصيبة تُقبل بها على ربك ، خير من نعمة تنسى بها ذكره.
- ثم يجردهم لعبادته ويربطهم بالله وحده وأن الدين دين الله لا دين أشخاص فيقول
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ
وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ }آل عمران144

- ويشج رأس النبى صلى الله عليه وسلم ويسيل الدم الزكى من وجهه فيقول : كيف يفلح فوم شجوا نبيهم؟!
فتنزل الآيات صارمة صريحة بأن الأمر لله وحده {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ }آل عمران128
فسبحان من لطف وستر وسبحان من علم وغفر.
ليس لك من الأمر شىء
حتى لو كنت نبيا مرسلا ليس لك من الأمر شىء ، فأمر الكون بيده ، يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء.
بل ويدعو الله من عذب أوليائه للتوبة ويفتح لهم باب المغفرة فالأمر أمره
{إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ }البروج10
فالصبر الجميل أن تبتلى وقلبك يلهج بالحمد لله والرضى بقضائه والتسليم لأمره .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " أَنَّ رِعْلاً وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ اسْتَمَدُّوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَدُوٍّ فَأَمَدَّهُمْ بِسَبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ كُنَّا نُسَمِّيهِمُ الْقُرَّاءَ فِي زَمَانِهِمْ كَانُوا يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ حَتَّى كَانُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قَتَلُوهُمْ وَغَدَرُوا بِهِمْ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو فِي الصُّبْحِ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ قَالَ أَنَسٌ فَقَرَأْنَا فِيهِمْ قُرْآنًا ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ رُفِعَ ( بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنَّا لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا) " البخاري .
يقول الصحابى الجليل خبّاب :
شكونا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا ؟- في رواية أحمد فجلس 
محمرا وجهه - قال ـ صلى الله عليه وسلم: كان الرجل فيمن قبلكم، يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمنّ هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون البخاري
- إن الدعوات بدون تضحيات، لا تعدو أن تكون خيالات وفلسفات تلفها الكتب وترويها الأساطير ثم تطوى مع الزمن.
- إن للسعادة والراحة ثمنًا، وإن للمجد والسلطان والتمكين ثمنًا، وثمن هذه الدعوة: دم زكي يهراق في سبيل الله من أجل تحقيق شرع الله ونظامه, وتثبيت معالم دينه على وجه البسيطة.
لأنه يحب لك الخير
- لأنه يحب لك الخير .. يبتليك بالضراء فتفقد حبيبا أو وظيفة أو بيتا ، ليستخرج من قلبك عبودية الصبر والرضى والتسليم لأمره ، فيرفع مكانتك والتى لن تبلغها بعملك.
- لأنه يحب لك الخير .. قد يمنع عنك رزقا تطلبه أو وظيفة أو زوجة لأنه يعلم أن في إجابة طلبك فساد لدينك أو دنياك.
- لأنه يحب لك الخير .. قد يبتليك الله بالأذى ممن حولك فينالون من كرامتك أوعرضك فيثقل ميزانك ، ويذهب غرورك، ولا يتعلق قلبك بالخلق، فتستوحش منهم وتأنس بالخالق.
- لأنه يحب لك الخير.. يُطيل عليك البلاء ويُريك من اللطف والعناية وانشراح الصدر ما يعوضك ويملأ قلبك معرفة به حتى يفيض حبه في قلبك.
- لأنه يحب لك الخير .. فتكون في بلاء ... فيُريك من هو أسوأ منك حالا (في نفس البلاء) ... فتشعر بلطفه بك وتقول من قلبك:
الحمد لله الذى عافانى مما ابتلى به كثيرا من خلقه.
- لأنه يحب لك الخير .. قد ينغص عليك نعمة كنت متمتعاً فيها لأنه رأى أن قلبك أصبح "مهموما" بالدنيا فأراد أن يريك حقيقتها لتزهد فيها وتشتاق للجنة.
- لأنه يحب لك الخير.. يؤخر عنك إجابة الدعاء حتى تستنفد كل الأسباب ، ثم يُصلحه لك من حيث لا تحتسب .
- لأنه يحب لك الخير .. حين تقوم بعبادة من أجل دنيا أو شهوة فيحرمك الدنيا حتى يعود الإخلاص إلى قلبك
- لأنه يحب لك الخير .. يعجل لك العقوبة على ذنبك حتى تُعجّل بالتوبة والإنابة إليه.
- لأنه يحب لك الخير .. قد يتخلى عنك كل شىء ويبقى الله معك ، فكن مع الله يبقى معك كل شىء ولا تبالى .
- لأنه يحب لك الخير .. يطيل عليك البلاء مع استمرارك بالدعاء .
هنا تأكد أن الله لا يريد إجابة دعوتك فقط ، بل يجزل لك العطاء فوق ما تطلب ويدخر لك الأجر والمثوبة. 

قوة العفو أقوى أم شهوة الانتقام؟
طالب جامعي تقىّ نقىّ خلوق يدرس القضاء بإحدى الجامعات العربية رجع بيته فإذا زوجته تخونه على فراشه ،
فلما رأوه زعروا وخافوا ! فما كان منه إلا أن قال للرجل: البس ثيابك .
فقال له الزانى : أقسم بالله العظيم أنها من أغرتني فقال: البس ثيابك وستر الله عليك
وأخرجه من منزله وهو يجتاش غيظا وقهرا ولكن أراد ما عند الله
فلما خرج الزانى ابتسم وقهقه ساخرا متعجبا من نجاته دون خسارة .
فقال الطالب الجامعي وهو مقهورمنه : حسبي الله ونعم الوكيل .
ورجع إلى زوجته وقال لها: اجمعي ملابسك وأشيائك وأنا انتظرك بخارج الغرفة كي تذهبي إلى أهلك
جلست تبكي وتفسر ما أصابها وأنها من نزوات الشيطان وتختلق كثيرا من التبريرات
التزم الصمت حتى انتهت من كلامها
وطلقها ثلاث طلقات وقال لها: ستر الله عليك وحسبي الله ونعم الوكيل
انتظرها بخارج الغرفة وسافر بها حوالي 300 كلم إلى أن أوصلها بيت أهلها .
و قال لها : ستر الله عليك واتقي الله الذي يراكي وسوف يرزقك من أوسع أبوابه!
فقالت له: فعلا أنا لا أستحقك مثلك.
مرت السنون حتى تخرج من الجامعة ولم تغب عن عينه للحظة واحدة تلك الضحكة الساخرة من ذلك الهاتك لعرضه .
تزوج من امرأة ثانية وأنجب منها .. وتم تعيينه قاضيا بالمحكمة
ويقول: عوضني الله بإنسانة لم أحلم يوما بها فكانت عظيمة بكل ما تعنيه الكلمة.
أكمل دراسته حتى حصل على الدكتوراه بالقضاء الإسلامي ووصل إلى المحكمة الكبرى
يقول: طلبت من الله في كل صلاه أن أنسى ذلك الموقف .. ولكن دائما يمر بي كل ما رأيت شخص يضحك فاستعيذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم.
وفي ذات يوم أتت لي أوراق القضايا كالعادة.. وكان الدور على قضية قتل للبتّ فيها.
وكانت المفاجأة التى لم أتصورها ، كان نفس الرجل الذي وجدته في فراش طليقتى ، وقد قام بقتل شخص زنى مع زوجته فى فراشه ! فسبحان من يمهل ولا يهمل ، كما تدين تدان و بالكيل الذي كلت به تكتال.
حضر إلىّ وهو مكبل بالحديد وحالته يرثى لها.
قلت له : ماذا أتى بك إلى هنا ؟  قال: لقد وجدت رجلا في فراشي مع زوجتي فقتلته .
فقال القاضي : ولماذا لم تقتل زوجتك حتى تكون الشجيع ابن الشجيع؟
فقال الرجل: لقد قتلت الرجل ولم أشعر بنفسي .
فقال القاضي: لماذا لم تتركه وتقول له ستر الله عليك؟! فقال الرجل: هل ترضاها يا شيخ على نفسك ؟
فقال القاضي: نعم أرضاها على نفسي ولا أقول إلا : حسبي الله ونعم الوكيل!
فما كان من الرجل إلا أن فتح فمه وقال: ..... لقد سمعت هذا الكلام من قبل !
فقال القاضي: نعم سمعته مني عندما غدرت بزوجتي وتستغل ذهابي للتحرش بها حتى أوقعت تلك المسكينة .
هل تذكر ضحكتَك عليّ وأنا أقول ستر الله عليك حتى تركتني أتحسب عليك والقهر يقطع جوفي؟
أمهلك الله لكنك تماديت بعصيانك وفجورك حتى أراد الله أن يقتص منك .
والآن سأصدر فيك حكم شرع الله عز وجل إلا إذا تنازل عنك أهل القتيل .
فقال الرجل: لا أريد منك إلا شيئا واحدا أن تسامحني وتدعوا لي بالرحمة ، نعم أطعت شيطاني وما قالته لك زوجتك صحيح
فأنا من تحرشت فيها بوسائل عدة وهذه الحقيقة وياليتك قتلتني ذلك الوقت ولم أر ما رأيته .
فما كان للقاضي إلا أن قال: سامحك الله دنيا وآخرة.
بل وسعى هذا القاضى التقىّ النقيّ من ضمن أهل الخير ليقنعوا أهل المتوفَّى في التنازل
ولكن حكمة الله فوق كل شيء أراد الله عز وجل أن يقتص من ذلك الرجل.
فانظر يا رعاك الله كيف أن قوة العفو والتسامح كانت أقوى من شهوة الانتقام !
وكيف أن الله دبر أمرهذا الشاب التقىّ ، والذى ضبط غضبه واتقى الله في زوجته حتى شفى غيظه وأرضاه من حيث لا يحتسب ،
وكبت عدوه وخذله ليقرّ عين المظلوم من الظالم 
فسبحان اللطيف الخبير.

مِنح فى طيات المحن
رُبَّ ضارة نافعة، ورُبَّ مِحْنَة أعقبت مِنْحة ، ولو علمتم ما في الغيب لرضيتم بالواقع ،
لا يؤخر الله أمرا إلا لخير ، ولا يحرمكِ أمرًا إلا لخير ، ولا يُنزل عليك بلاءً إلا لخير ، فلا تحزن فـربُّ الخير لا يأتي إلا بخير.
إن المؤمن يتقلّب بين مقام الشكر على النعماء ، وبين مقام الصبر على البلاء .
فيعلم علم يقين أنه لا اختيار له مع اختيار مولاه وسيّده ومالكه سبحانه وتعالى .
فيتقلّب في البلاء كما يتقلّب في النعماء ، وهو مع ذلك يعلم أنه ما مِن شدّة إلا و تزول ،
وما من حزن إلا ويعقبه فرح و سرور، وأن مع العسر يسرا ، وأنه لن يغلب عسر يُسرين .
{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً،إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} الشرح
فلا حزن يدوم ولا سرور *** ولا بؤس يدوم ولا شقاء.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: "إنَّ الله تعالى قال: إذا ابْتَلَيْتُ عبدي بحبيبتَيه فصبر عَوَّضْتُه منها الجنة" يريد عينيه" رواه البخارى
وقالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَالَ اللَّهُ : يَا مَلَكَ الْمَوْتِ قَبَضْتَ وَلَدَ عَبْدِي ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : قَبَضْتَ قُرَّةَ عَيْنِهِ ، وَثَمَرَةَ فُؤَادِهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَمَا قَالَ ؟ قَالَ : حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ . قَالَ : ابْنُوا لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ " قال الترمذى: هذا حديث حسن غريب " .
أما مَن سَخِطَ ولم يرضَ بقضاء الله وقدره فقد حُرِمَ الأجرَ وفاته الخير.
فالمؤمن يرى المنح في طيّـات المحن ويرى تباشير الفجر فى حُلكة الليل ، ويرى في سُمّ الحية الترياق ، وفي لدغة العقرب دواء ، ولسان حاله :
مسلمٌ يا صعاب لن تقهريني *** صارمي قاطع وعزمي حديد .
كيف يهون أو يضعف أو يظن بربه شرا وربه القائل {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران139
ينظر أعلى دائما فيرى تباشير النصر رغم تكالب الأعداء ، وينظر في جثث القتلى فيرى الدم نوراً
ويشمّ رائحة الجنة دون مقتله ويرى القتل فــوزاً وشهادة.
في الصحيحين عن حرام بن ملحان - رضي الله عنه - لما طُعن : قال :فُـزت وربّ الكعبة !
عندها تساءل الكافر جبار بن سلمى: وأي فوز يفوزه وأنا أقتله ؟!
أجابوه : هو رأى ما لم تـرَ ونظر إلى ما لم تنظر وأمّـل ما لم تؤمِّـل.
كان على وشك الشماتة فيه ، فذهب سروره بقتله لما رأى فرحه بشهادته
فما كان من الكافر إلا أن أسلم فسبحان من لطف ودبر الخير لهما.

سيجعل الله بعد عسر يسرا
رجل فقير يلبس ثيابا ممزقة لكنه تقى محافظ على الصلاة .
رحل إلى بلد طلبا للرزق ، حان وقت الصلاة وصل متأخرا وكان الجميع قد غادروا المسجد .
توضأ فلمح حزاما من جلد له جيوب معلقا على الحائط ، قلّبه فوجد في إحداها ذهبا و الأخرى مالا كثيرا فرح الفقير وقال أخيرا سأودع الفقر وهمّ بالخروج ، لكنه توقف وحدث نفسه : هذا الحزام له صاحب , يبحث عنه الان , وربما جن صاحبه أو مات كمدا على هذا المال ، و ليس لي حق في أخذه.
استعاذ الفقير من الشيطان وقال : لا أعيش من مال حرام ، وصلى صلاته ثم جلس في ركن الوضوء ومعه الحزام وبقي ينتظر ، دخل المسجد رجل يبدو عليه الاضطراب يبحث عن شئ
سأل الفقير: هل رأيت حزاما من جلد كان معلق على ذاك الحائط ؟
قال الفقير: ما أوصافه؟ فذكر أوصافه ، فأعاده اليه , وتفحص الرجل الحزام فوجده كما تركه ثم مد يده الى جيب الحزام وأخرج بعض المال ليعطيه الفقير ،فرفض و ألحّ عليه فرفض .
وبقي الرجل الفقير في البلدة خمسة أشهر وهو على حاله تلك يطعمه أهل القرية مرة ويصدون عنه أخرى.
وفى يوم اشتم رائحة طعام من أحد البيوت و كان بابه مفتوحا فدخل , لم يجد أحدا و وجد الطعام فجلس و رفع لقمة من ذاك الطعام وقبل ان تصل الى فمه توقف , وتعوذ من الشيطان وقال لايحق لي أن آكل من طعام لم أُدع اليه وأدخل بيتا لم يؤذن لي بدخوله , فاستغفر الله وغادر البيت.
وبينما هو في الطريق قابله قاضى البلدة والذى أعجب بتقواه وورعه ولزومه للصلاة فى المسجد .
سأله القاضي : ألك زوجة وأولاد؟ قال: لا , فقال القاضي :فما رأيك أن ازوجك ؟ فضحك الفقير وقال: انا لا أجد قوتي وأنا وحيد فكيف ومعي زوجة؟! و ليس لي بيت , ومن المرأة التي توافق على الزواج من رجل فقير مثلي ؟!
فقال القاضي :يوجد في هذه البلدة امرأة أرملة غنية ولقد كثر كلام الناس عليها فلجأت الي لأبحث لها عن رجل تقي حسن الخلق يكفيها أذي الناس وكلامهم واني لسائر اليها الآن فإن شئت أتيت معي فخطبتها لك , وإن رفضت فلن تخسر شيئا.
طرقا الباب أدخلتهما وإذا به نفس البيت الذى كان فيه الطعام , فنظرت إليه تتأمل ثيابه الرثة الممزقة ثم طلبت القاضي في حديث منفرد : أنت من اخترت الرجل ؟
قال: القاضي نعم وهو ليس من هذه البلدة , وهو فقير لايملك بيتا ولا مالا, وقد أعجبنى منه تقواه و صلاته وورعه , والذى يحافظ على دينه يحافظ على أهله.
وافقت المرأة ومن فرحة الفقير طلب الإسراع في الزواج الليلة !
فطلب القاضي من المرأة أن تحضر شاهدين على الزواج من جيرانها وتم الزواج .
سألته الزوجة :هل تناولت عشاءك ؟ قال: أنا لم أتذوق الطعام منذ يومين , فأتته بالطعام فإذا به نفس الطعام الذي تراجع عن أكله قبل أن يلقى القاضي, فبكى الرجل!!
فقالت: الزوجة ما بك؟ فأخبرها بما حدث, فقالت: لا بأس عليك إن الله أراد أن يكافئك بالحلال عوضا عن الحرام .
فسألها : ولكن لم يكن أحد بالبيت عندما دخلته؟ قالت : إنها كانت تحمل بعض الطعام إلى أحد الجيران.
وفى الصباح سألته : أتحب أن تعمل لتكسب قوتنا؟ قال :نعم , قالت : فما رأيك بالتجارة وتصبح تاجرا كزوجي السابق؟
قال : وأين لي بالمال لأتاجر به ؟
فأتت بحزام من الجلد ! فسألها : ما هذا؟ قالت : هو حزام تركه لي زوجي وفيه مال كثير و بعض الذهب الذي سأعطيك إياه لتتاجر به .
تأمله فإذا به نفس الحزام الذي وجده في المسجد وبكى مرة أخرى , وسالته الزوجة عن سبب بكائه؟
فأخبرها بقصة الحزام الذي صار سببا في ثراءه .
فسبحان من ساق لعباده رزقهم وأغناهم ، وأسبغ على عباده ستره الجميل وعافاهم.
وحقا {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً }الطلاق3 وقال َ{مَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً }الطلاق4
شَمِلَتْ لطائِفُهُ الخلائِقَ كلَّهَا *** ما للخَلَائقِ كافلٌ إلَّا هُو.
فعزيزُها وذليلُها وغنيُّها 
*** وفقيرُها لا يرتَجُون سِوَاهُ.
مَلِكٌ تدينُ لهُ المُلوكُ ويَلْتَجِي
*** يومَ القيامةِ فقرُهُم بغِناهُ.
سُبحانَ من عَنَتِ الوُجُوهُ لوجهه 
*** ولهُ سُجُودٌ أوجهٌ وجباهُ.
طوعًا وكرهًا خاضِعينَ لعِزِّهِ 
*** ولهُ عليها الطَّوْعُ والإكْرَاهُ.
سَلْ عنهُ ذرَّاتِ الوجُودِ فإنها 
*** تدعُوهُ معبُودًا لها ربَّاهُ.
هو أوَّلٌ هو آخرٌ هو ظاهرٌ
*** هو باطنٌ ليسَ العيُونُ تراهُ.
ربٌّ رحيمٌ مُشْفِقٌ متعطِّفٌ 
*** لا ينتَهِي بالَحصْرِ ما أعطاهُ.
كم نعمةٍ أولى وكم من كُربَةٍ
 *** أجلَى وكم من مُبتلًى عافاهُ؟!
وإذا بُليتَ بغُربةٍ أو كُربةٍ 
*** فادعُ الإلهَ ونادِ يا اللهُ.
لا مُحسنُ الظنِّ الجميلِ بهِ يَرى
 *** سُوءًا ولا راجِيهِ خابَ رجاهُ.
ولحِلْمِهِ سُبحانهُ يُعصَى فلم 
*** يَعْجَلْ على عبدٍ عَصَى مولاهُ.
يأتيهِ مُعتَذِرًا فيقبلُ عُذْرَهُ 
*** كرمًا ويغفرُ عمدَهُ وخَطَاهُ.
يا ذا الجلالِ وذا الجمالِ وذا البَقَا 
*** يا مُنعِمًا عمَّ الأنامَ نَدَاهُ.



لا تعلم أين الخير
من يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله ، ومن يتصبر يصبره الله ، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر . .
معلمة ذات خلق ودين وجمال ، زميلاتها سألنها في المدرسة.. 
لماذا لم تتزوجي رغم كثرة الخطّاب ؟
فقالت: هناك امرأة متزوجة ولها خمسة بنات فهددها زوجها إن ولدت بنتا فسيتخلص منها!
... وفعلا ولدت بنتا، فقام الرجل ووضع البنت عند باب المسجد بعد صلاة العشاء وعند صلاة الفجر وجدها لم تؤخذ من عند باب المسجد ، فأحضرها إلى المنزل وكل يوم يضعها عند المسجد وبعد الفجر يجدها ! 
سبعة أيام مضت على هذا الحال ، وكانت والدتها تدعو الله أن يردها .
ملّ الرجل فأحضرها وفرحت بها الأم .. حملت الأم مرة أخرى وعاد الخوف من جديد فولدت هذه المرة ذكرا ،
ولكن البنت الكبرى ماتت ، ثم حملت بولد آخر فماتت البنت الأصغر من الكبرى !!
وهكذا إلى أن ولدت خمسة أولاد وتوفيت البنات الخمس وبقيت البنت السادسة التي كان يريد والدها التخلص منها !!
وتوفيت الأم وكبرت البنت وكبر الأولاد وصار الأب عجوزا كبيرا ليس له من يرعاه سوى تلك البنت ، بل وأحضرت له خادمة وسائق.وكانت نعم البنت البارة بأبيها تطعمه وتسقيه وتمرضه وتقضى حوائجه.
أما الذكور الخمس لا يزورون أباهم إلا نادراويعقونه !
أما الأب فهو دائم البكاء ندماً على ما فعله بالبنت الكبرى .
قالت المعلمة أتدرون من هي هذه البنت التي أراد والدها التخلص منها ؟؟؟
إنها أنا ! لذا حتى الآن لم أتزوج !
الْعَبْدُ ذُو ضَجَرٍ ، وَالرَّبُّ ذُو قَدَرٍ*** وَالدَّهْرُ ذُو دُوَلٍ ، وَالرِّزْقُ مَقْسُومُ.
وَالْخَيْرُ أَجْمَعُ فِيمَا اخْتَارَ خَالِقُنَا 
*** وَفِي اخْتِيَارِ سِوَاهُ اللَّوْمُ وَالشُّومُ .
هل تراه يسامحنى؟!!  

في المسجد الحرام .. عجوز تصلى وتبكى بحرقة ،الدموع لا تفارق عينها،
وكان شاب يأتى لخدمتها ويراعيها ويقبل رأسها كل حين ويقضى حاجاتها؟
سألتها من بجوارها متعجبة من حالها : لما كل هذا البكاء؟!
قالت العجوز: من العذاب الذى في قلبى هل يغفر الله لى؟
قالت : عسى ما شر فقالت : أحكى لك قصتى : كنت متزوجة من زوج ونعم الزوج
كان يحبني ويحترمني غير أنى كنت عقيما، فأشرت إليه بالزواج فرفض فألححت عليه
حتى أتيت له بامرأة وخطبتها له حتى تم الزواج.
شيئا فشيئا أخذ يميل إليها لا سيما بعد أن صارت حُبلى وفرح بمجىء مولوده ورحت أصلى بنار الغيرة
وبعد عام جاءنى يخبرنى أنه ذاهب للسفرمع زوجته ويطلب أن يترك 
الولد عندى ، وافقت وأنا على مضض.
وكان الوقت شتاء وكنت أشعل الفحم للتدفئة ، فاقترب الطفل من النار فتركته يصلى بها
بل تماديت أن أضغط بها على الفحم حتى ذابت يده وهو يصرخ من العذاب .
هكذا سولت لى نفسى أن أطفء نار قلبى من الغيرة بتعذيب طفل لا ذنب له.
وتمر الأيام ويأتينى خبر وفاة زوجى مع زوجته في طريق العودة . فصرت أرملة وطال عمرى وعجز جسمى وليس لى أحد يرعانى ويقضى حوائجى ويطعمنى ويسقينى ويؤنس وحشتى ويداوي جرحى ويطببنى إلا هذا الولد والذى صار أعز الناس إلىّ وأكرمهم بى !
كلما رأيت يديه مشوهتين تلك اليدان التى طالما حملنى وأطعمنى وسقانى بهما ، وينادى:  يامه تريدين شىء؟ وحتى الآن لا يعرف أننى السبب فى ذهاب يديه.
لازلت أعاني من العذاب وتأنيب الضمير وأدعو ربي أن يغفرلي ذنبي ويعوضه هذا الولد البار خيرا كما أحسن إلىّ، فهل تراه يسامحنى؟!!

ما أثر تعظيم لطف الله في النفوس ؟
إنَّ ترسيخَ قيمةِ تعظيمِ اللهِ اللطيف والاستسلام لقضائه والرضا بحكمه والظن الجميل بعدله يعالجُ كثيرًا من مشاكلِ المجتمعِ الأمنيةِ والاقتصاديةِ والإداريةِ بأيسرِ السبلِ وأقلِّ التكاليفِ والأعباءِ على الدولةِ.
بل ويعالجُ كثيرًا من المشكلاتِ الاجتماعيةِ كعقوقِ الوالدينِ وقطيعةِ الرحمِ وظلمِ المرأةِ والعنفِ الأسريِّ وانتهاكِ الأعراضِ و الاعتداءِ على الأنفسِ والأموالِ وغيرها .
لا توجدُ مشكلةٌ إلا ومن أعظمِ أسبابِها ضعفُ تعظيمِ اللهِ عزوجل في النفوسِ.
رأينا أثر هذه القيمةَ لما ترسَّختْ في نفوسِ جيل الصحابة والتابعين وتابعيهم أنتجتْ أمةً ضربتْ أروعَ الأمثلةِ في الخلق والطهارةِ والتقى والاستقامةِ والعبادة والأمانةِ وحسن معاملة الناس والمدنية والتحضر والتلطف معهم.
واجبنا الآن
على كل منّا أن يتلطف بإخوانه ويتغافل عن زلاتهم ، قال تعالى {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً }83البقرة ، ويصلح ذات البين .
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عزّ وجلّ سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربة أو يقضي عنه ديناً أو يطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد - مسجد المدينة - شهراً ، ومن كفّ غضبه ستر الله عورته، ومن كتم غيظه ولو شاء أن يُمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة ، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام ..» صححه الألباني
وقال صلى الله عليه وسلم :
" يَا عَائِشَةُ : إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ"[مسلم]
وقال " ألا أخبركم بمن يحرم على النار ومن تحرم عليه النار؟ .. على كل قريب هين سهل" رواه الترمذي وصححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (1744)
من أراد أن يدمر نفسه ما عليه إلا أن يملأ قلبه حقدا وكرها ، وقد حفر قبره بيديه ولن يشفى غيظه.
فأحسن الظن بربك يصلح الله حالك ويروق بالك ، وارج الخير لغيرك يأت الخير لبابك ،
واتق الله في معاملة الناس وتلطف معهم يجعل الله لك مخرجا ويرزقك من حيث لا تحتسب.

يا أرحم الراحمين، يا صاحبي عند شدتي، يا مؤنسي في وحدتي، يا حافظي في نعمتي، يا ولييّ في نفسي، يا كاشف كربتي، يا مستمعَ دعوتي، يا راحمَ عبرتي، يا مقيلَ عثرتي، يا إلهي بالتحقيق، يا ركني الوثيق... يا مولاي الشفيق، يا رب البيت العتيق... يا فارج الهم، وكاشفَ الغم، ويا منزل القَطر، ويا مجيبَ دعوة المضطرين، يا رحمـن الدنيـا والآخـرة ورحيمهما... يا كاشفَ كلِّ ضرٍ وبلية، ويا عالم كُلِّ خَفِيّة، يا أرحم الراحمين
اللهم إنك لطيف لما تشاء وأنت العليم الحكيم الخبير، ارفع عنا البلاء والشقاء وأعذنا من الشيطان الرجيم وقنا عذاب النار.
اللهم أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الظالمين.
بقلم الفقير إلى الله / أبو مسلم وليد برجاس 

الاثنين، 23 سبتمبر 2013

مقاطع إيمانية مؤثرة - قصة أغرب من الخيال فى الشوق إلى بيت الله الحرام

هذا المقطع من محاضرة "هنا تسكب العبرات"
والقصة للحاج عثمان دابو من أقصى غرب إفريقيا  يحج ماشيا لمدة ثلاثة سنوات حتى وصل إلى بيت الله الحرام
إنها قصة فريدة عجيبة أغرب من الخيال
كم اعتراه من مرض وقطاع طرق وحيوانات مفترسة
كل هذا يهون أمام رؤية بيت الله الحرام والوصول إليه 

خذوني يا أحبائي خذوني * إلى أرض الحجاز وأسعدوني
بكى قلبي حنيناً والتياعاً * ودمع الشوق تذرفه عيوني
فلو تدرون ما يشكوه قلبي * وكم يرجو إله العرش ربي
ويسمع من يغرد إذ يلبي * وتغريدي يحاصره أنيني
خذوا قلباً تملكه هُيامِ * يطوف سبعاً بالبيت الحرامِ
خذوه إلى الحطيم إلى المقام * حناناً أطفئوا نار الحنينِ
خذوه ملبياً صوت الخليلِ * فكعبة ربنا بُرء العليلِ
خذوه لمروة تروي غليلي * خذوه إلى الصفا تصفوا سنيني
خذوا عيناً تعاني الليل سُهداً * إلى الأنوار تكسوا القلب سعداً
خذوه لزمزمٍ واسقوه شهداً * فإني ظاميء لا تحرموني
إلى عرفات ربي ذي العطاءِ * خذوا روحاً يظللها رجاء
وتهتف بالتضرع والدعاءِ * بنبض مستنير مستعيني
إلهَ الفضل يا رب البرايا * أتيت إلى رحابك ذا العطايا
رجوت اليوم تغفر لي الخطايا * تعافيني ومن نفسي تقيني
خذوني يا أحبائي خذوني * أُبيّتُ في منىٍ قبل المنون
وإن شئتم مع الهدي انحروني * ولكن ألف لا...لا تتركوني
اللهم ارزقنا حجا مبرورا لا رياء فيه ولا سمعة.
أبو مسلم وليد برجاس

الجمعة، 20 سبتمبر 2013

الأضحية شعب - خطبة جمعة للشيخ / وليد برجاس

- يقول إبراهيم بن أدهم :
( كل ملك لا يكون عادلاً فهو واللص سواء ، وكل عالم لا يكون تقياً فهو الذئب سواء ،
 وكل من ذل لغير الله فهو الكلب سواء ) .
- لكل طاغية ساحر يتمثل في وزارة السحر والدجل (الإعلام الكاذب)
- لكل طاغية شيخ دجال مزور للدين بمثابة قنطرة(حمار) للظالم ليتحايل به على أحكام الشرع والحق .
أبو مسلم وليد برجاس

الجمعة، 6 سبتمبر 2013

العدو الخارجى أم الداخلىّ أخطر? - الشيخ وليد برجاس

بناء الأمم كبناء البيوت 
لابد من أحكام الداخل وتنظيمه وتنظيفه قبل الخارج
الخارج ما هو إلا مراية تعكس ما بالداخل من قوة ونظام
فإن فسد الداخل بسوء العلاقات بين أفراد الأمة 
فإن الخارج أفسد وأسرع إلى الزوال
أبو مسلم وليد برجاس

السبت، 31 أغسطس 2013

العدو الخارجى أم الداخلىّ أخطر؟ / خطبة جمعة للشيخ وليد برجاس

بناء الأمم كبناء البيوت 
لابد من أحكام الداخل وتنظيمه وتنظيفه قبل الخارج
الخارج ما هو إلا مراية تعكس ما بالداخل من قوة ونظام
فإن فسد الداخل بسوء العلاقات بين أفراد الأمة فإن الخارج أفسد وأسرع إلى الزوال
أبو مسلم وليد برجاس

الجمعة، 21 يونيو 2013

بلطجى باشا

بلطجى باشا

الحمد لله الجبار المتكبر المعبود، أباد بسطوته قوم نوح، وأهلك عادا وقومَ هود، وأعاد من بعد عاد دائرة السوء على ثمود، وسلط ضعيف البعوض على النمرود، وأغرق فرعون وقومه لما تلاطمت عليهم الأمواج الصدود، وأعمى بصائر الجاحدين ففي أعناقهم أغلال وفي أرجلهم قيود " فالذين كفرو قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم * يصهر به ما في بطونهم والجلود وأشهد أن لا اله إلا الله, وحده لا شريك له, له الملك, وله الحمد وهو علي كل شيء قدير
عز فلا تـراه الظنـون *** وجـلّ فلا يعتريه المنـون
تفـرد في مـلكه بالبقاء*** وكل الورى بالفناء ذاهبون
ويفعل في خلقه ما يشاء*** بغير اعتراض وهم يسألون

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. وبعد
إن التُقى مُلجم 

قال تعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ{27} لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ{28} إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ{29} فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ{30} فَبَعَثَ اللّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ{31} مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ{32} المائدة
إن الله تعالى لم يخلق شيئا أشرعلى الإنسان من نفسه ، تأمل (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ) وتأمل (إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ) "يوسف 53 " فنعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
روى ابن جرير عن ابن عمرو قال: إن ابني آدم اللذين قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر كان أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم ، وإنما أمرا أن يقربا قرباناً ، وإن صاحب الغنم قرب أكرم غنمه وأسمنها وأحسنها طيبة بها نفسه ، وإن صاحب الحرث قرب أشر حرثه الكودن والزودن غير طيبة بها نفسه ، وإن الله عزوجل تقبل قربان صاحب الغنم ولم يتقبل قربان صاحب الحرث .
قال: وايم الله إن كان المقتول لأشد الرجلين ولكن منعه التحرج أن يبسط يده إلى أخيه .
وقد قيل :" إن التُّقى مُلجم"
وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل" متفق عليه .
والكفل : الجزء والنصيب .
وقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث جرير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ".
قال أبوهريرة : دخلت على عثمان يوم الدار فقلت: جئت لأنصرك وقد طاب الضرب يا أمير المؤمنين
فقال: يا أبا هريرة أيسرك أن تقتل الناس جميعاً وإياي معهم ؟ قلت: لا، قال: فإنك إن قتلت رجلاً واحداً فكأنما قتلت الناس جميعاً فانصرف مأذونا لك مأجوراً غير مأزور. رواه ابن جرير
قلبت الموازين 

فى مجتمع قلبت فيه الموازين وضاعت الأمانة
· يقول النبى صلى الله عليه وسلم :"فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ فَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ فَيُقَالُ إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ"
رواه البخاري- كتاب الرقاق – باب رفع الأمانة – برقم( 6016)– مسلم – كتاب الإيمان- بَاب رَفْعِ الْأَمَانَةِ وَالْإِيمَانِ مِنْ بَعْضِ الْقُلُوبِ وَعَرضِ الْفِتَنِ عَلَى الْقُلُوبِ برقم (206).
وروى أبو هريرة رضى الله عنه قال : ( قال رسول الله لعبد الله بن عمرو : كيف بك يا عبد الله إذا بقيت فى حثالة من الناس ، قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا فصاروا هكذا ، وشبك بين أصابعه ؟ قال : قلت : يا رسول الله ، فما تأمرني ؟ قال : عليك بخاصتك ، ودع عنك عوامهم ).
انظر شرح ابن بطال لصحيح البخاري10/38.
ما أدراك ما البلطجة؟
بلطجى= شبيح؛ كلمة تركية وهي تتكون من مقطعين هما "بلطة" "جي " وهو صاحب البلطة
البلطجة ميراث المفسدين الفاشلين ، هى مسلك الظالمين، وهَدى المنافقين من نُزع منه الرحمة ، وغاب عنه التقوى والحياء من رب العالمين
البلطجة هرج ومرج ولجام منفلت ، فلا تقوى ولا عقل ولا رحمة ، جاهلية جهلاء ، وحمق وفجور . وخصومة عمياء واستطالة على الضعفاء ، وانتفاش يخبىء خواء، وجنون عظمة يغطى فشلا، و قوة تحكى ضعفا ، وزهو يطوى على الفطرة انتكاسا ، نشاط زائد وصحة زائفة ، تغطى نقصا ومرضا نفسيا عضالا.
إن شر ما طبع الله عليه المرء خلق دنيّ، ولسان بذيّ و بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد.
ليت بأسه وقوته على الظالمين ، ليت شره وفجوره على أعداء الدين ، فلا يرجى خيره ولا يؤمن شره ، شيطان متكبر لا يألف ولا يؤلف .
صار البلطجى اليوم أعز الناس وأمكنها وأسعدها، وبعد أن كان مطلوبا للعدالة صار مطلوبا لتحقيق العدالة ، إنها معايير الجاهلية تعود من جديد وصار لأهل الظلم والعدوان صولة وجولة فأضاعوا الحقوق وسلبوا الأموال وهتكوا الأعراض وقطعوا الطريق وروعوا الآمنين وحاصروا المساجد بالقنابل ، وقطّعوا المصاحف وأهانوا الدعاة وكسروا ميزان العدل فتعالى الله الملك الحق.
البلطجة منذر شؤم على العباد والبلاد ، فبطر الحق وغمط الناس ظلمات فى الدنيا والآخرة ومؤذن بخراب العمران وهلاك العباد

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا 
ما العنف؟ 

صدق النبى صلى الله عليه وسلم عندما قال:" والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يومٌ ، لا يدري القاتل فيم قَتَلَ ولا المقتول فيم قُتِلَ ، فقيل : كيف يكون ذلك ؟ قال : الهرج ؛ القاتل والمقتول في النار" رواه مسلم 2908
يقصد بالعنف لغة: الزيادة عن الحد، وشرعاً هو: مجاوزة الحد المطلوب شرعاً من البعد إلى ما هو أبعد منه.
و فى علم السلوك: هو سلوك أو فعل يتسم بالعدوانية، يصدر عن طرف بهدف استغلال وإخضاع طرف آخر في أطار علاقة قوة غير متكافئة مما يتسبب في إحداث أضرار مادية، أو معنوية، أو نفسية.
قال النبى صلى الله عليه وسلم:"ما كان الرفق في شىء إلا زانه ولا نزع الرفق من شيء إلا شانه " صحيح الجامع 5654
و العنف يشمل: السب والشتم والضرب والقتل والاعتداء والترويع والإرهاب وتشويه السمعة والتضليل الإعلامى بإشاعات والأكاذيب بقصد التشويه والتنفير.
ذكرت جريدة الأخبار المصرية عن المستشار محمد عبدالعزيز الجندي وزير العدل المصري :
نصف مليون بلطجي محترف يعملون في مصر الآن براتب 5 آلاف جنيه للبلطجي الواحد يومياً مقابل خلق الذعر والفوضى وإشاعة التخويف من حال الشارع بعد سقوط نظام مبارك.

أثر ظاهرة العنف والبلطجة على الفرد والمجتمع 

على الفرد: ينسلخ صاحبها من الإنسانية والمروءة ويصبح شيطانا بغيضا وتجعله مفلسا يوم القيامة.
على المجتمع : هى كفيلة بتدمير المجتمع وأمنه إذ أن المجتمع يقوم على العدل والإخاء والمساواة.
حكم العنف والبلطجة وإيذاء الناس
إن الإسلام يرفض جميع أشكال العنف والإرهاب مع المسلمين وغير المسلمين ممن لايضرونك في دينك ويدعو إلى السلام والرفق واللين والإخاء كما يتجلى ذلك في قوله تعالى:
(وقولوا للناس حسناً) البقرة: آية 83 – وقال (ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) النحل: آية 125 – وقال (وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }البقرة237
وحرمة المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة ، بل من الدنيا أجمع . وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا ) وفي رواية أخرى : (( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلمٍ ) صححه الألباني في صحيح الجامع 9208
زوال الدنيا بأموالها ومزارعها ومصارفها ومصانعها وتجاراتها وبناياتها ودولها وأحلافها ، وكل ما فيها أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق .
وصحّ أنَّه صلى الله عليه وسلم قال : " من أشار إلى أخيه بحديدة فإنَّ الملائكة تلعنه ، وإنْ كان أخاه لأبيه وأمه"رواه مسلم
· وصحّ أنَّه صلى الله عليه وسلم نهى أنْ يُتعاطَى السيف مسلولاً" رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حديث حسن
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " أولُ ما يُحاسَبُ به العبدُ الصلاةُ ، وأولُ ما يُقضَى بينَ الناسِ الدماءُ " رواه الترمذي
* وفي الصحيحين أنَّ النبي قال: "من حَمَل السلاحَ علينا فليس منا"
وقال :" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" متفق عليه
بل المسلم له حُرمة حتى بعد موته ،عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إنَّ كسر عظم المؤمن ميتاً مثل كسره حياً" رواه أبو داود وابن ماجة وأحمد وغيرهم، وهو حديث صحيح كما قال العلامة الألباني في إرواء الغليل 3/214.
أنّى له التوبة؟! 

• وقال سبحانه: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]
· روى ابن جريربسنده عن سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس أنَّ رجلاً أتاه فقال : أرأيتَ رجلاً قتل رجلاً متعمداً ؟ قال : جزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً ، قال : أُنزِلتْ في آخر ما نزل ، ما نسخها شيءٌ حتى قُبضَ رسولُ الله رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال : أرأيتَ إنْ تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ؟ قال : وأنّى له التوبة ؟!!،
وقد سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" ثكلتْهُ أُمُه رجلٌ قتلَ رجلاً متعمداً يجيء يومَ القيامة آخذاً قاتله بيمينه أو بيساره وآخذاً رأسه بيمينه أو شماله تشخبُ أوداجه دماً في قبل العرش يقول : يا رب سَلْ عبدك فيم قتلني ؟ " ورواه النسائى واحمد
وأخرج أحمد والنسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" كلُّ ذنبٍ عسى اللهُ أنْ يغفره إلاّ الرجلُ يقتلُ المؤمنَ متعمداً أو الرجل يموتُ كافراً "
وقال : "سِبابُ المسلم فُسوق وقتاله كفر" متفق عليه
* وقال : " لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصِبْ دماً حراماً " رواه البخاري [350]
وروي عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قتل مؤمناً فاغتبط بقتله ( يعني سره ذلك وفرح به ) لن يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ) مسند الشاميين للطبراني 1289
بئس أخو العشيرة 

عن عائشة رضي الله عنها: "أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآه قال : بئس أخو العشيرة، وبئس ابن العشيرة . فلما جلس تطلق النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل قالت عائشة يا رسول الله :حين رأيت الرجل قلت له: كذا وكذا، ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عائشة متى عهدتني فحاشا؟ إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره"
رواه البخاري ومسلم ومالك في الموطأ وأبو داود في سننه رحمة الله على الجميع
منزلة الحديث:
هذا الحديث من جوامع الأدب، وإصلاح الأخلاق، وركائز التربية، وشروط الدعوة الصالحة
قال فيه الإمام الخطابي رحمه الله:" جمع هذا الحديث علما وأدبا " الفتح10/454، وتحفة الأحوذي6/113.
من فوائد الحديث:
1- حسن خلقه صلى الله عليه وسلم ولذلك قال لعائشة رضي الله عنها:" متى عهدتني فحاشا؟"، قال تعالى في حقه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }القلم
2- أناته صلى الله عليه وسلم وعدم استعجاله وحسن توجيهه.
3- الرفق بالجاهل والفاسق ، ويتجلى ذلك في تركه صلى الله عليه وسلم الإغلاظ على هذا الرجل، حتى لا يظهر ماهو فيه.
4- الفحش والتفحش كما يكون في الأفعال يكون في الأقوال، ففي لسان العرب 6/325:" الفحش والفحشاء: القبيح من القول والفعل".
5- حرص عائشة رضي الله عنها على التعلم والمعرفة ولذلك كان لها رضي الله عنها في الفضل العظيم ما ليس لغيرها من سائر أزواجه صلى الله عليه وسلم، انظر لوامع الأنوار للسفاريني رحمه الله 222 – مختصره.
6- في الحديث وعيد شديد وترهيب بليغ من فاحش القول، وأن من شر الناس منزلة عند الله ومن أعظمهم ذنبا من اشتد فحش كلامه، حتى تركه الناس تجنبا لشر قوله، وهذا الوعيد جاء على العموم، فهو يتناول كل من كانت هذه صفته ومات عليها كما ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح 10/455.
7- وفي الحديث كذلك علامة من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم وذلك في وصفه عليه الصلاة والسلام للرجل بقوله :" بئس أخو العشيرة"، فإنه قد ظهر ذلك عليه كما وصف عليه الصلاة والسلام فهذا الرجل قد ارتد بعده عليه الصلاة والسلام وجيء به أسيرا إلى الصديق رضي الله عنه، انظر شرح مسلم للنووي 16/ 166، وتحفة الأحوذي 6/112.
8- مشروعية تأليف القلوب لمصلحة شرعية فإن النبي عليه الصلاة والسلام ألان لهذا الرجل القول تأليفا له على الإسلام، انظر شرح مسلم للنووي 16/144.
9- في الحديث كذلك جواز غيبة المجاهر بالفحش أو الفسق أو البدعة ولذلك قال أهل العلم :" احتج به البخاري رحمه الله على جواز غيبة أهل الفساد وأهل الريب" الأذكار للنووي 793،وانظر الفتح 10/454.
لكن هذا الجواز بقيد عدم مجاوزة الحد حتى لا يقع المرء في التفكه بالأعراض كما ذكره القرافي رحمه الله في الفروق 4/208.
10- من اطلع من حال شخص على شيء وخشي أن غيره يغتر بجميل ظاهره، فيقع في محذور ما، فعليه أن يطلعه على ما يحذر من ذلك قاصدا النصيحة، انظر الفتح 10/454، وتفسير القرآن الكريم لابن كثير 4/271.
11- مشروعية مداراة أهل الشر والفساد فإن المداراة كما يقول ابن بطال رحمه الله :" من أخلاق المؤمنين، وهي خفض الجناح للناس وترك الإغلاظ عليهم في القول، وذلك من أقوى أسباب الألفة" الفتح 10/454.
والفرق بينها وبين المداهنة كما قال القاضي عياض رحمه الله :" أن المداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أوالدين أو هما معا ، وهي مباحة وربما استحبت، والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا" الفتح 10/454.
فيك جاهلية 

كرم الله الإنسان على سائر المخلوقات فقال {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً }الإسراء70
وقال صلى الله عليه وسلم : "لا تحاسدوا، ولا تناجَشوا، ولا تباغَضوا، ولا يبِع بعضكم على بيعِ بعض، وكونوا عبادَ الله إخوانا، المسلمُ أخو المسلم، لا يظلِمه، ولا يحقرُه، ولا يخذُله، التّقوى ها هنا ـ فأشار بيده إلى صدره ثلاثًا ـ، بحسب امرئٍ من الشّرّ أن يحقرَ أخاه المسلم، كلّ المسلم على المسلم حرام؛ دمُه وماله وعِرضه" رواه مسلم
ويصعد المنبرَ وينادى بصوتٍ رفيع: "يا معشرَ من أسلم بلسانِه ولم يفضِ الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلِمين، ولا تعيّروهم، ولا تتَّبعوا عوراتِهم، فإنّه من تتبّع عورةَ أخيه المسلم تتبّع الله عورتَه، ومن تتبّع الله عورتَه يفضحه ولو في جوفِ رحلهرواه الترمذي
وفي مثلِ قولِه : "لا يؤمِن أحدُكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه" متّفق عليه
· عن المعرور بن سويد قال : "رأيت أبا ذر رضي الله عنه وعليه بُردٌ وعلى غلامه بُرد، فقلت: لو أخذتَ هذا فلبسته كانت حلّة، وأعطيته ثوباً آخر، فقال: كان بيني وبين رجل كلام، وكانت أمه أعجمية (سوداء) فنلت منها، فذكرني إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لي: ( أساببت فلاناً؟ ) ، قلت: نعم قال: ( أفنلت من أمه؟ ) ، قلت: نعم، قال: ( إنك امرؤ فيك جاهلية ) ،
هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن جعل الله أخاه تحت يده فليُطعمه مما يأكل، وليُلبسه مما يلبس، ولا يكلّفه من العمل ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه فليُعِنْه عليه ) "متفق عليه واللفظ للبخاري .
وفي رواية أبي داوود : (إنهم إخوانكم فضّلكم الله عليهم، فمن لم يلائمكم فبيعوه ولا تعذّبوا خلق الله) .
ويروى أن أبا ذر وضع رأسه في طريق بلال ووضع خده على التراب .. وقال : والله يابلال لا أرفع خدي عن التراب حتى تطأه برجلك .. أنت الكريم وأنا المهان ..!! فأخذ بلال يبكي .. وقبل ذلك الخد ثم قاما وتعانقا وتباكيا .
أسباب العنف والبلطجة 

1- أسباب دينية
البعد عن الدين ومجالس العلم وصحبة الطيبيين ونضوب التربية الدينية ومن ثمارها التقوى والحياء ، و الحرص على الدنيا وتلبية رغبات النفس الأمارة بالسوء من أهم أسباب العنف والانحراف
عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم. حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم". رواه مسلم
2- أسباب ثقافية 
كالجهل وتدنى المستوى التعليمى وعدم معرفة كيفية التعامل مع الآخر واحترامه، وما يتمتعه من حقوق وواجبات تعتبر كعامل أساسي للعنف..
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله *** و أخو الجهالة في الشقاوة ينعم
3- أسباب تربويةفالذى ينشأ على القهر والمهانة يمارسها عندما يكبر ليعوض النقص الذى فيه.
4- الإعلام
تمجيد الأفلام والمسلسلات للعنف والانحراف فتعرض صورة من يتعدى على الناس ويأخذ ما يعتقد أنه حقه بالبلطجة والعنف ، بصورة البطل ويثيرون التعاطف معه وبالتالى يقلده الناس.
5- القوانين الرخوة غير رادعة
" إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن" كما قال عثمان بن عفان - رضي الله عنه - مجموع فتاوى ابن تيمية11/395 ، ومن أمن العقوبة أساء الأدب

إن إقامة العدل كفيل لردع أعمال العنف والظلم الذى انتشر بهذه الطريقة الفجة حتى بين الصغار وبين الزوج وزوجته وبين وبين الطالب والمعلم والحاكم والمحكوم وبين الرعية بعضهم بعضا .
بل من الحقائق الأليمة أن جهاز الشرطة كان له اليد العليا فى صناعة ظاهرة البلطجة وتعزيزها ثم يكتون بنارها بعد ذلك.
ومن جعل الغراب له دليلا *** يمر به على جيف الكلاب 

ومن يجعل الضرغام بازا لصيده *** تَصَيَّدَهُ الضرغام فيما تصيدا.

6- أسباب اقتصادية
فالخلل المادي الذي يواجهه الفرد أو الأسرة ،والتضخم الاقتصادي الذي ينعكس على المستوى المعيشي لكل من الفرد أو الجماعة حيث يكون من الصعب الحصول على لقمة العيش.
7- تعاطى المخدرات والخمور
سفينة المجتمع بين العنف والعفو
· بلغَت عناية الشريعة المحمّدية في منعِ أذى المؤمنين والتحذير من الإضرار بهم ولو كان القصد حسنًا والهدف نبيلاً.
جاء رجلٌ يتخطّى رقابَ النّاس يومَ الجمعة والنبيّ يخطب، فقال عليه الصلاة والسلام له:
"اجلِس فقد آذيت" رواه أبو داود والنسائي وإسناده حسن
فكيف بالأذى المقصود المتعمد لأغراض شخصية ومنافع دنيوية زائلة ؟!
· ويزداد الجرم إثمًا عند الله حينما يتّجه إلى الجيران، أو لأحدٍ من الصالحين قال صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره)) متفق عليه
· ويقول: "لا يدخل الجنَّةَ من لا يأمن جارُه بوائِقه" رواه مسلم و البخاري
وبوائقه أي: غوائله وشروره
· ويزداد الجرم ومن ثم الوعيد فى الأذيّة بعباد الله الصالحين، فيقول : "إنّ الله جلّ وعلا يقول: من عادى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب" رواه البخاري
· وقال: "عُرِضت عليّ أعمال أمّتي حسنُها وسيّئها، فوجدتُ في محاسن أعمالِها الأذى يُماط عن الطريق، ووجدتُ في مساوئ أعمالِها النخاعة تكون في المسجد لا تُدفَن" أخرجه مسلم
·و قال: " مرّ رجلٌ بغُصن شجرةٍ على ظهرِ طريقٍ فقال: والله، لأنحِّينّ هذا عن المسلمين لا يؤذيهم، فأُدخِل الجنّة" رواه البخاري ومسلم .
· يقول أحد السّلف:
"ليكُن حظّ المؤمن منك ثلاثة: إن لم تنفعه فلا تضرَّه، وإن لم تُفرحه فلا تغمَّه، وإن لم تمدَحه فلا تذمَّه".
عاقبة العنف والبلطجة وإيذاء الناس 

أما آن لك أن تكُفَّ الأذى عن إخوانك قبل أن يُقضَى بينك وبينهم يومَ لا ينفع مال ولا بنون،
فعن أبي هريرة أنّ رسول الله قال: "أتدرون ما المفلس" قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال:
((إنّ المفلسَ من أمّتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وقيام وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مالَ هذا وسفك دمَ هذا أو ضربَ هذا، فيُعطى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه، فإن فنِيت حسناته قبل أن يَقضيَ ما عليه أخِذ من خطاياهم فطُرحت عليه فطُرح في النّار)) رواه مسلم
· دعا رجلٌ مِن السلف على امرأة أضرّته وأفسدَت عليه عِشرةَ امرأة له، فذهب بصرها في الحال، وكذَب رجلٌ على مطرّف بن عبد الله رحمه الله فقال له: "إن كنتَ كاذبًا فعجّلَ الله حتفَك"، فمات الرّجل مكانَه.
· وكان رجلٌ من الخوارج يغشَى مجلسَ الحسن البصري فيؤذيهم، فلمّا زاد في ذلك، قال الحسن: "اللهمّ قد علمتَ أذاه لنا فاكفِناه بما شئتَ"، فخرّ الرجل من قامتِه، ميتا.
ومع هذا فأكثرُ مَن كان مجابَ الدّعوة من السلف كان يصبِر على الأذى والبلاءِ 
ابتغاءَ الأجر والثّواب من الله جلّ وعلا.

والصمتُ عن أحمقٍ أو جاهلٍ شرفُ *** وفيه أيضاً لصون العِرْضِ إصلاحُ.
أَمَا ترى الأُسْدَ تُخْشى وهي صامتةٌ *** والكلبُ يُخْزَى لعمري وهو نَبَّاحُ.

يمهل ولا يهمل 

يا مَن لا يزال على أذيّة المسلمين قائمًا ولإحداث الضّرر بهم ساعيًا، تذكّر أنّ معهم سلاحًا بتّارًا، تذكّر أنّ الأذيّة ظلمٌ والإضرار بالمؤمنين بغيٌ، ولقد قال : "واتّق دعوةَ المظلوم، فإنّه ليس بينها وبين الله حجاب"
يروى "ضابط شرطة " أن سيارة جاءت بسرعة جنونية يوم الخميس قبل المغرب وصدمت رجلا أمام باب وكالة سيارات bmw وهرب السائق تمكنت الشرطة في نفس اليوم من إلقاء القبض عليه.
ومات الرجل وعند البحث عن الأوراق التي كانت بحوزته ، تبين أنه قادم للبحث عن عمل في وكالة السيارات التي توفي أمامها ، ونقل هذا المتوفى إلى إحدى المستشفيات حتى يحفظ في الثلاجة ويأتي أحد أقاربه للسؤال عنه واستلامه ...
ومضى أسبوعان ولم يسأل عنه أحد، وفي نهاية الأسبوع الثاني بدأ يبحث الضابط عن هاتف منزله اتصل الضابط بالمنزل فردت عليه امرأة فسألها: أين فلان قالت: غير موجود. فقال لها : وماذا تقربين أنت له . قالت : زوجته . فقال لها : متى سيعود . قالت : لا أعلم . لقد خرج منذ أسبوعين ولا نعلم عنه شيء وأنا وأطفالي الاثنين ننتظر عودته. ...
لم يخبرها بموته وظل في حيرة من الأمر لمدة يومين ثم قرر بعدها إبلاغها بما حدث ...
فحزنت حزنا شديدا وبكت ، ثم طلب منها أن ترسل أحد الأقارب حتى يتابع القضية، فأبلغته بأنه لا يوجد لهم أقارب إلا عم لزوجها يسكن في منطقة تبعد عنهم مئات الكيلومترات والعلاقة بينهم مقطوعه...
فتابع الضابط موضوع هذه المرأة بنفسه ... حتى دفن وحكمت المحكمة على السائق بدفع الدية للمرأة.
أخذ السائق يماطل بالدفع ويدعى الفقر ثم أحضر صك إعسار من إحدى المحاكم بشهادة اثنين... وطويت القضية على أنه معسر وسيتم سداده لهذه المرأة عندما تتحسن حالته المالية...
زوج يبحث عن عمل ثم يموت .. يقول الضابط :كنت أجمع لها بعض النقود وأعطيها إياها، وكنت أدلها على بعض الجمعيات الخيرية في البلد ... ومرت الأيام .
وفي يوم من الأيام وبعد سنة بالضبط من الحادث الأول كنت مناوبا في المساء وإذا بمكالمة هاتفية تأتي إلى الشرطة ويقدر الله أن أرد على هذه المكالمة وأنا بحضرة حوالي عشرين ضابطا ... وإذا بخبر حادث سيارة أمام وكالة السيارات (bmw)، ذهبت إلى موقع الحادث للتحقيق فيه ... فوجدت إن سيارة صدمت رجلا ومات في الحال... وكانت الجثة مشوهة جدا لا أحد يستطيع التعرف على ملامح هذا الميت، وكان اليوم خميس والوقت قبل المغرب بقليل ، وبعد البحث عن الأوراق التي بحوزته كانت المفاجأة المذهلة والصاعقة التي تيقنت من خلالها أنه لا شيء يضيع عند رب الأرباب .
تبين لي أنه نفس الشخص الذي عمل الحادث وظلم المرأة … في نفس المكان ونفس الموعد بعد سنة من الحادث الأول ومن هول المفاجأة بالنسبة لي أخذت أتردد على المكان عدة مرات ولعدة أيام وقست المسافة بين موقع الحادث الأول والحادث الثاني … فوجدت الفرق خمسة أمتار بينهما ، ومما زاد من المفاجأة أن الذي توفي في الحادث الثاني جاء يمشي للدخول إلى وكالة السيارات ومعه شيك ليدفعه للوكالة لشراء سيارة جديدة له منها!!!
الرجل الأول كان في الطريق للبحث عن عمل وكان الثاني في الطريق لشراء سيارة جديدة
فأخبرت القاضي الذي يتولى الحكم بموضوع هذا الرجل وما كان منه … و قدر الله أن سائق السيارة الذي صدم الرجل الثاني كان يعمل في شركة كبيرة وعندما طلبت منه الدية أحضرها سريعا … ولكن فما كان من القاضي إلا أن بالدية للمرأة التي ظلمها هذا الميت !!.
إن الله يمهل ولا يهمل و الجزاء من جنس العمل ، و دعوة المظلوم مستجابة .
لا تظــلمنَّ إذا مـا كنـتَ مُقْتَــدِرًا *** فالظلـم ترجـع عُقْبَاهُ إلى الـنَّـــدَمِ
تنـام عيـناك والمظلوم مُنْتَبِـــــهٌ *** يـدعو عليـك وعَيـنُ الله لم تَـنَــمِ

علاج ظاهرة العنف والبلطجة
1- بناء المجتمع على الخلق والتقوى
علينا أن نراجع أنفسنا فى تربية أولادنا وأن نتجنب القهر والإذلال الذى يورث التمرد كذا نراجع مناهج التعليم وما يعرض فى وسائل الإعلام لاسيما الأفلام والمسلسلات من تبجيل واحترام لصورة البطل البلطجى
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فإن هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا
لقد بَنى الإسلام أُسسَه في تنظيم العلاقةِ الاجتماعية بين بني المجتمع على قواعدَ مُثلى وركائزَ فضلى في مثلِ قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }الحجرات10
* و يحذّر من الأذى فيقول: "إيّاكم والجلوسَ في الطرقات" فقالوا: يا رسول الله، ما لنا بدّ في مجالسنا، نتحدّث فيها، فقال عليه الصلاة والسلام وهو الرحيم المشفِق: "إذا أبَيتم إلاّ المجلس فأعطُوا الطريقَ حقَّه" قالوا: وما حقُّ الطريق يا رسول الله؟ قال: "غضّ البصر، وكفّ الأذى، وردّ السّلام، والأمر بالمعروف، والنّهي عن المنكر" متفق عليه
ويقول : "لا تسبّوا أمواتَنا فتؤذوا أحياءَنا" أخرجه النسائيّ وسنده حسن
* ويراعى مشاعر المؤمن فقال عليه الصلاة والسلام: "إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجَى اثنان دون صاحبِهما، فإنّ ذلك يُحزِنه" رواه مسلم
وفي رواية: "فإنّ ذلك يؤذي المؤمنَ، والله يكرَه أذَى المؤمن" أخرجه الترمذي وقال: "حديث صحيح".
· ونظر راوي الحديث ابنُ عمر رضي الله عنهما يومًا إلى البيتِ أو إلى الكعبة فقال: (ما أعظمَك وأعظمَ حرمتَك، والمؤمن أعظمُ حرمةً عند الله منك) رواه الترمذي بسند صحيح
· يقول الفضيل رحمه الله: "لا يحلّ لك أن تؤذيَ كلبًا أو خنزيرًا بغير حقّ، فكيف بمن هو أكرم مخلوق؟!"
· وعن قتادة: "إيّاكم وأذى المؤمن، فإنّ الله يحوطه ويغضب له" أخرجه ابن جرير في تفسيره (22/45).
2- تطبيق شرع الله كفيل بردع كل متجاوز
مَن أمن العقوبة أساء الأدب و حد يُعمل به في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحاً
قال تعالى( إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ{33} إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{34}
تطبيق حد الحرابة على البلطجى كفيل بحسم تلك الظاهرة وتطهير البلاد من ركزها ورجزها.
3- إعادة النظر فى مناهج التربية التى تعتمد على الضرب والقهر المولّد للعنف،
4- تغيير النظرة والأسلوب الأمنى فى التعامل مع البلطجى إذ أن أسلوب الاضطهاد وإهانة الاستدعاء واستخدامهم مرشدين أمنيين مكرهين والكعب الدائر وغيرها كانت سببا فى انفجار هذه الظاهرة.
وكان الأولى فتح باب التوبة لهم وتشجيعيهم على إصلاح أنفسهم و
5- توفير فرص عمل ومحاربة البطالة فهى المرتع الآثم لهذه الظاهرة.
6- ترسيخ مفاهيم العفو والتسامح والتقوى
لما عفوت و لم أحقد على أحد **** أرحت نفسي من هم العداوات.
إني أحييّ عدوّي عند رؤيته **** لأدفع الشر عنّي بالتحيّات.
و أُظهر البشر للإنسان أبغضه **** كما أن قد حشى قلبي محبات.
الناس داءٌ و داء الناس قربهم **** و في اعتزالهم قطع المودات.

يقول الله: ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) الشورى: الآية40
لقدْ خلقَ اللهُ تعالَى الناسَ مختلفةً طباعُهُمْ ، متقلبةً أمزجتُهُمْ ، متباينةً مصالِحُهُمْ ،
قالَ تعالَى ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ
ومِنْ هنَا قدْ تحدثُ مخاصماتٌ ومنازعاتٌ لاَ يرتضِيهَا اللهُ سبحانَهُ ،
واعلمُوا أنَّ الشيطانَ يوقِعُ العداوةَ والبغضاءَ بينَ الناسِ ، ويدفَعُهُمْ للفُرقةِ والتنازعِ ،
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :« دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ : الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ هِىَ الْحَالِقَةُ ، لاَ أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَفَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَاكُمْ لَكُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ" رواه مسلم
لذا أوجبَ الله الإصلاحَ بينَ المؤمنينَ فقالَ تعالَى : إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)
العَفُوُّ من أسماء الله الحسنى
قال الله -تعالى-: (إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا) النساء، وقال -سبحانه-: (ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) الحج.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :« تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئاً ، إِلاَّ رَجُلاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ ، فَيُقَالُ : أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا"
وقال :« لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا ، وَخَيْرُهُمَا الَّذِى يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ" رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم
وبَيَّنَ أنَّ أجْرَ المصلحينَ عندَ اللهِ سبحانَهُ عظيمٌ ،): لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)
عفو الرسول عن المرأة اليهودية
روى البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتْ النَّبِيَّ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا فَقِيلَ أَلاَ نَقْتُلُهَا؟ قَالَ لاَ، فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ [البخاري].
عفو الرسول عن أهل مكةلما فتح الرسول مكة، اجتمع له أهلها عند الكعبة، ثُمّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ مَا تُرَوْنَ أَنّي فَاعِلٌ فِيكُمْ؟ قَالُوا خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ قَالَ اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطّلَقَاءُ" [سيرة ابن هشام].
صور من عفو الصحابة 

· كان لعبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - أرض وكان له فيها عبيد يعملون فيها، وإلى جانبها أرض لمعاوية بن أبي سفيان - رضى الله عنه ، وفيها أيضًا عبيد يعملون فيها، فدخل عَبيد معاوية في أرض عبد الله بن الزبير، فكتب عبد الله كتابًا إلى معاوية يقول له فيه:
"أما بعد، يا معاوية ، إن عبيدك قد دخلوا في أرضي، فانههم عن ذلك، وإلا كان لي ولك شأن، والسلام"
فلما وقف معاوية على كتابه وقرأه، دفعه إلى وَلَدِه يزيد، فلما قرأه قال له معاوية يا بني ما ترى؟
قال أرى أن تبعث إليه جيشًا يكون أوله عنده وآخره عندك يأتونك برأسه، فقال بل غير ذلك خير منه يا بني، ثم أخذ ورقة، وكتب:
" أما بعد، فقد وقفت على كتاب وَلَدِ حَوَاري رسول الله، وساءني ما ساءه، والدنيا بأسرها هَيِّنةَ عندي في جنب رضاه، نزلت عن أرضي لك، فأضفها إلى أرضك بما فيها من العبيد والأموال والسلام".
فلما وقف عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - على كتاب معاوية - رضي الله عنه -، كتب إليه:
" قد وقفت على كتاب أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، ولا أعدمه الرأي الذي أحله من قريش هذا المحل والسلام "
فلما وقف معاوية على كتاب عبد الله بن الزبير، وقرأه رمى به إلى ابنه يزيد، فلما قرأه تهلل وجهه، وأسفر، فقال له أبوه:
يا بني "من عفا ساد، ومن حَلِمَ عَظُمَ، ومن تجاوز استمال إليه القلوب، فإذا ابتليت بشيء من هذه الأدواء، فَدَاوِهِ بمثل هذا الدواء [المستطرف للأبشيهي].
* وعن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال:
(وأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضاً وأعطى أبا بكر أرضاً فاختلفنا في عذق نخلة قال : وجاءت الدنيا فقال أبو بكر : هذه في حدّي فقلت : لا بل هي في حدي
قال فقال لي أبو بكر كلمة كرهتها وندم عليها قال فقال لي يا ربيعة: قل لي مثل ما قلت لك حتى تكون قصاصا
قال: فقلت لا والله ما أنا بقائل لك إلا خيرا
قال والله لتقولن لي كما قلت لك حتى تكون قصاصا وإلا استعديت عليك برسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقلت لا والله ما أنا بقائل لك إلا خيرا قال فرفض أبو بكر الأرض وأتى النبي صلى الله عليه وسلم جعلت أتلوه فقال أناس من أسلم: يرحم الله أبا بكر هو الذي قال ما قال ويستعدي عليك
قال فقلت :أتدرون من هذا ؟! هذا أبو بكر هذا ثاني اثنين هذا ذو شيبة المسلمين إياكم لا يلتفت فيراكم تنصروني عليه فيغضب فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيغضب لغضبه فيغضب الله لغضبهما فيهلك ربيعة
قال فرجعوا عني وانطلقت أتلوه حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقص عليه الذي كان قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا ربيعة ما لك والصديق قال فقلت مثل ما قال كان كذا وكذا فقال لي قل مثل ما قال لك فأبيت أن أقول له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :أجل فلا تقل له مثل ما قال لك ولكن قل : يغفر الله لك يا أبا بكر قال فولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهو يبكي .
وقال أحد السلف:" اجعَل كبيرَ المسلمين عندك أبًا، وصغيرَهم ابنًا، وأوسطَهم أخًا، فأيّ أولئك تحبّ أن تسيء إليه؟! " رواه الإمام الحاكم في مستدركه وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه
لا يجتمعان (بلطجة وإيمان) 

روى البخاري عن أبي مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إنَّ مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت".
إذا لم تَصُنْ عرضاً ولم تخش خالقاً *** ولم ترعَ مخلوقاً فما شئتَ فاصنعِ
وفي الحلية لأبي نعيم: عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال:
"إن الله إذا أراد بعبدٍ هلاكاً نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مَقِيتًا مُمَقَّتًا فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلاَّ مَقِيتًا مُمَقَّتًا نُزع منه الأمانة فلم تلقه إلا خائناً مخوَّناً، فإذا كان خائناً مخوَّناً نزع منه الرحمة، فلم تلقه إلا فظاً غليظاً، فإذا كان فظاً غليظاً نزع رِبْقَ الإيمان من عنقه، فإذا نزع ربق الإمان من عنقه لم تلقه إلا شيطاناً لعيناً ملعناً"
ويقابل الحياء البذاء والجفاء، قال صلى الله عليه وسلم: "الحياء من الإيمان، والأيمان في الجنة، والبذاءُ من الجفاء، والجفاء في النار". أخرجه الترمذي، وسنده حسن.
والبذاءُ الفحش في الكلام، وهو من شُعب النفاق، وما دخل القبح والفحش في أمر إلا عابه وأفسده، قال صلى الله عليه وسلم: 
"ما كان الفحش في شيء إلا شانه، وما كان الحياء في شيء إلا زانه". رواه الترمذي وابن ماجة بسند حسن
إن منزوعَ الحياء لا تراه إلا على قبيح الخصال، ولا تسمع منه إلا رديء الكلام؛ لسانٌ بذيء، هُمَزَةٌ لُّمَزَة، يتركه الناس اتقاء فحشه، فمجالسته ضرر، وصحبته شر، وسيرته سوء
ولكن الشر لا يواجه بمثله وإنما يطفىء النارَ الماءُ وفي سعيك للانتقام أحفر قبرين... أحدهم لنفسك.

مازال الباب مفتوحا 
روى ابن قدامة المقدسي في كتاب التوابين عن بعض ولد القعنبي بالبصرة قال
كان أبي يشرب النبيذ ويصحب الأحداث (البلطجية) فدعاهم يوما وقد قعد على الباب ينتظرهم فمر شعبة على حماره والناس خلفه يهرعون فقال من هذا قيل شعبة قال وأيش شعبة قالوا محدث .
فقام إليه وعليه إزار أحمر فقال له حدثني فقال له ما أنت من أصحاب الحديث فأحدثك .
فأشهر سكينه وقال تحدثني أو أجرحك !!
فقال له حدثنا منصور عن ربعي عن أبي مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا لم تستحي فاصنع ما شئت "
(فصادف قلبا صافيا ) فرمى سكينه ورجع إلى منزله فقام إلى جميع ما كان عنده من الشراب فهراقه ، وقال لأمه الساعة أصحابي يجيئون فأدخليهم وقدمي الطعام إليهم فإذا أكلوا فخبريهم بما صنعت بالشراب حتى ينصرفوا
ومضى من وقته إلى المدينة فلزم مالك بن أنس فأثر عنه ثم رجع إلى البصرة وقد مات شعبة فما سمع منه غير هذا الحديث .

إذا جَارَيْتَ في خُلُقٍ دَنِيئاً *** فأنتَ ومنْ تجارِيه سواءُ.
رأيتُ الحرَّ يجتنبُ المخازي *** ويَحْمِيهِ عنِ الغَدْرِ الوَفاءُ.
يعيش المرءُ ما استحياء بخيرٍ*** ويبقى العودُ ما بقي اللحاءُ
فلا والله ما في العيش خيرٌ *** ولا الدنيا إذا ذهب الحياءُ
إذا لم تخشَ عاقبةَ الليالي *** ولم تستحي فافعل ما تشاءُ
لَئيمُ الفِعلِ مِن قَومٍ كِرامٍ *** لَهُ مِن بَينِهِم أَبَداً عُواءُ

اللهم إنا نعوذ بك أن نظلم أو نُظلم أو أن نجهل أو يجهل علينا ونعوذ بك من الجبن والبخل ، ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، اللهم إنا نعوذ بك من قهر الرجال ومن جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء ، سل السخيمة من قلوبنا واجعلنا متحابين متآلفين على قلب رجل واحد ، اللهم اكفنا شر كل ذى شر أنت آخذ بناصيته اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين اللهم اجعلنا سلما لأوليائك حربا على أعدائك.
إعداد الفقير إلى الله ابو مسلم / وليد برجاس